للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١ - حَدثنِي أَحمَدُ بن محمَّد بن أبي رجاء المِصِّيصِي (١)، حدثنا وكيع بن الجرَّاح بن مَلِيح، حدثنا كَهْمَس (٢)، ح

وَحدثنا العباسُ بن محمَّد (٣)، وَإبراهيم بن مرزُوق (٤)، قالا: حدثنا عُثْمانُ بنُ عُمر (٥)، أخبرنا كَهْمَس، عن عبد الله بن بُرَيدَة (٦)، عن

⦗٢١⦘ يحيى بن يَعْمَر (٧) قال: كان أوَّلَ من قال في القَدَر بالبصْرة مَعبد الجُهنِي (٨)، فخرجتُ أنا وحُمَيد بن عبد الرحمن الحِمْيَرِي حاجَّين (٩) فأتيْنا المدينةَ فقلنا: لو لقِينا رجلًا من أصحابِ رسول الله فسألناهُ عن هذا الأمر الذي أحدثَهُ هؤلاء القوم، قال: فلقينا عبد الله بن عُمَر وهو خارجٌ منَ المسجدِ، فاكْتَنَفْتُهُ (١٠) أنا وَصاحبِي، فَظننْتُ أنَّ صاحبِي سَيَكِلُ الكَلامَ إليَّ، فَقلنا: يا أبا عبد الرحمن، إنَّ

⦗٢٢⦘ قِبَلَنَا قومًا يقرؤون القرآن، ويتقفَّرون (١١) العلم -يعنِي: يَطلُبُونَه ويَعُوْنَه- يَزعُمون (١٢) أنَّ الأمرَ أُنُفٌ (١٣)، وَأَنُّهُ لا قَدَر. فقال: كذبَ أُولئكَ، إذا لقيتَهم فأخبرهم أنِي مِنهم بريءٌ، وَهُم منِّي بُرآء، والذي نفْسُ ابنِ عُمرَ بيده لوْ أنَّ أحَدَهم أنفَقَ مثلَ أحُدٍ ذَهَبًا مَا قَبِلَه الله منه حَتى يُؤمِن بالقَدَرِ خَيْرِه وَشَرِّهِ.

ثم قال: حَدَّثنِي عُمَر بن الخَطَّابِ قال: كنُّا جُلوسًا عندَ النَّبِي فجاء رَجلٌ شَدِيدُ سوَادِ الشَّعر، شَدِيدُ بَياضِ الثِّيَابِ، لا يُرَى عليه أَثَر السَّفَرِ، ولا يَعرفُهُ منَّا أَحَدٌ، فجلس إلى النَّبي ، فأسْنَدَ ركبَتَه إلى رُكبَتَي النَّبِي ، وَوضَعَ يدَه على فَخِذِهِ، ثم قال: يا محمدُ

⦗٢٣⦘ مَا الإِسلامُ؟ قالَ: "شهادَةُ أَن لا إلهَ إلا الله، وَأنِي رسولُ الله، وإقامُ الصَّلاةِ وَإيتاءُ الزكاةِ، وَحَجُّ البيتِ، وَصَوْمُ رَمَضان".

قال: صَدَقْتَ. قال (١٤): فتعجَّبْنا يسأله وَيُصدِّقه! قال: يا محمَّدُ! فما الإيمان؟ قال: "أَن تُؤمن باللهِ، وَملائكتهِ، وكتبهِ، وَرُسُلِه، وَباليوم الآخِر، وبالقدر خيره وَشرِّه". قال: صَدَقْتَ. قالَ: فَتَعَجَّبْنا يسأله وَيُصَدِّقه! قالَ: فما الإحْسانُ؟ قال: "تَعبد الله كأنَّك تراهُ، فإن لم تكن تراهُ فإِنَّه يراك". قال: فمَتَى السَّاعَةُ؟ قال: "ما المسؤولُ عنها بأعلَمَ من السائلِ". قال: فما أَمَاراتها؟ -قال وكيعٌ: أشْراطُها- قال: "أن تَلِدَ الأَمَةُ ربها (١٥)، وَأن

⦗٢٤⦘ ترى الحُفاة (١٦) العالَةَ رِعاءَ الشاء يتطاولون في البُنيان". قال: ثم قامَ (١٧) فلبثنا (ليَالي) (١٨) فَلَقِيَنِي رسولُ الله بعْد ثلاثةٍ (١٩) فقالَ: "أتدرِيْ مَن

⦗٢٥⦘ الرَّجُل؟ "قال: قلت: الله ورسولهُ أعلم، قال: "ذاك جَبْرَئيل (٢٠) جاء يُعلِّمكم مَعالمَ دينِكم" (٢١).

زاد بَعضُهم على بعْضٍ الكلمةَ ونحوه، وحَديث عثمانَ أتمهُما.


(١) أحمد بن محمَّد بن عبيد الله بن أبي رجاء الثَغْري -بالمثلثة بعدها معجمة ساكنة- أبو جعفر النجار الطرسوسي المصيصي. التقريب (٩٧).
(٢) بسين مهملة قبلها ميم مفتوحة، ابن الحسن التميمي -أبو الحسن البصري. فتح الباري لابن حجر (١/ ١٤١).
(٣) الدوري- صاحب ابن معين.
(٤) ابن دينار الأموي، أبو إسحاق البصري، نزيل مصر.
(٥) ابن فارس العبدي البصري، أصله من بخاري.
(٦) ابن الحُصَيب الأسلمي، أبو سهل المروزي، قاضيها، ثقة، إلا أن الإمام أحمد وإبراهيم =
⦗٢١⦘ = الحربي ضعَّفا حديثه عن أبيه. وحديثه عن أبيه مخرَّجٌ في الصحيحين. قال الحافظ ابن حجر في الهدي: "ليس له في البخاري من روايته عن أبيه سوى حديث واحد ووافقه مسلم على إخراجه". انظر: الإكمال- لابن ماكولا (٣/ ١٥٨) التقريب (٣٢٢٧)، تهذيب التهذيب (٥/ ١٤٠).
(٧) بفتح الميم أوله ياء تحتانية مفتوحة.
(٨) معبد الجهنِي البصري، قيل اسمه: معبد بن عبد الله بن عويمر، وقيل: ابن عبد الله بن عكيم، وقيل: ابن عبد الله بن عويم، وقيل: ابن خالد، وقال ابن أبي حاتم: "الصحيح أن لا ينسب وكان أول من تكلَّم في القدر بالبصرة". الجرح والتعديل (٨/ ٢٨٠).
قال الحافظ: "صدوق مبتدع، وهو أول من أظهر القدر بالبصرة، قتل سنة ٨٠ هـ".
تقريب (٦٧٧٧)، وانظر: الميزان- للذهبي (٤/ ١٤١).
(٩) سقطت كلمة "حاجَّين" من (م)، وفي صحيح مسلم: "حاجَّين أو معتمرين".
(١٠) أي: أحطنا به من جانبيه. النهاية- لابن الأثير (٤/ ٢٠٥).
وقد فسَّره في رواية مسلم: "أحدنا عن يمينه، والآخر عن شماله"، وكنفا الطائر: جناحاه، وفي هذا تنبيه على أدب الجماعة في مشيهم مع فاضلهم، وهو أنهم يكتنفونه ويحتفون به. قاله النووي في شرح مسلم (١/ ١٥٥).
(١١) قال النووي: هو بتقديم القاف على الفاء، ومعناه: يطلبونه ويتتبَّعونه، هذا هو المشهور، وقيل: معناه يجمعونه، ورواه بعض شيوخ المغاربة من طريق ابن ماهان: "يتفقَّرون" بتقديم الفاء، وهو صحيح أيضًا، معناه: يبحثون عن غامضه، ويستخرجون خفيَّه. انظر: شرح صحيح مسلم (١/ ١٥٥).
(١٢) في (م): "ويزعمون" بزيادة الواو، ولفظ مسلم "وأنهم يزعمون".
(١٣) قال أبو القاسم الأصبهانِي: "أي يستأنفه الخلق ابتداءً من غير أن يسبق به قدر
من الله"، وقال النووي: "أي مستأنفٌ لم يسبق به قدرٌ ولا علمٌ من الله تعالى، إنما يعلمه بعد وقوعه … وهذا القول قول غلاتهم، وليس قول جميع القدرية".
انظر: الحجة في بيان المحجة (١/ ٤١٤)، شرح صحيح مسلم (١/ ١٥٦).
وانظر: في نشأة مذاهب القدرية وأقوالهم؛ كتاب: القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة ومذاهب الناس فيه للدكتور عبد الرحمن المحمود (ص: ١٠٧ - ١٣٧).
(١٤) سقطت كلمة "قال" من (م).
(١٥) في (ط): "ربَّتها"، وهو موافق لرواية مسلم. وورد بلفظ التذكير في حديث أبي هريرة المتفق عليه. وسيأتي تخريجه في ح (٧).
والظاهر أن الراجح في هذا الحديث -أعنِي حديث كهمس- رواية التأنيث، فقد رواه عن كهمس عشرةٌ من الرواة بلفظ التأنيث، وتفرد عثمان بن عمر عن كهمس عند المصنِّف بلفظ التذكير، ورواية أخرى عند البغوي (شرح السنة ١/ ٧) من طريق يزيد بن هارون عن كهمس بلفظ التذكير، مع العلم بأن الإمام أحمد (١/ ٥١) رواه عن يزيد بن هارون عن كهمس موافقًا للفظ الجماعة.
وهؤلاء الجماعة من أصحاب كهمس هم: معاذ بن معاذ العنبري عند مسلم وسيأتي تخريجه، النضر بن شميل عند النسائي (السنن ٨/ ٩٧)، وكيع بن الجراح عند الترمذي (السنن ٥/ ٦ ح ٢٦١٠)، محمَّد بن جعفر ويزيد بن هارون عند الإمام أحمد (المسند =
⦗٢٤⦘ = ١/ ٥١)، عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عند ابن بطة في الإبانة (٢/ ٦٤٠)، المعتمر بن سليمان عند محمَّد بن نصر المروزي (تعظيم قدر الصلاة ١/ ٣٦٨)، عبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الرحمن بن حماد ويزيد ابن زريع عند ابن منده في (الإيمان ١/ ١٢٠، ١٢٤، ١٣١).
وفي معنى: "أن تلد الأمة ربتها أو ربها" عدة أقوال، ينظر في ذلك: شرح السنة للبغوي (١/ ١١)، شرح مسلم للنووي (١/ ١٥٩)، فتح الباري (١/ ١٤٩).
(١٦) في (م): "الجفاة" بالجيم، وفي صحيح مسلم: الحفاة -بمهملة- كما في الأصل و (ط) كذلك هي في مصادر تخريج هذا الحديث، وورد الجمع بين هاتين الصفتين -أي: الحفاة الجفاة- في حديث أبي هريرة الذي أخرجه أحمد (المسند ٢/ ٤٢٦)، وورد كذلك في حديث أبي عامر الأشعري أيضًا أخرجه الإِمام أحمد (المسند ٤/ ١٦٤).
(١٧) في (ط): "ثم قال عمر"، بدل: "ثم قام"، وفي مسلم: "ثم انطلق".
(١٨) في الأصل و (م): "لياليًّا"، وما أثبتُّه من (ط) لموافقته للآية في قوله تعالى: ﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ﴾ [سبأ: ١٨]، ولأن اللفظ ممنوع من الصرف فلا ينوَّن. وفي صحيح مسلم: "فلبثت مليًّا".
ثم وجدت الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى عزاها إلى أبي عوانة باللفظ المثبت، فالحمد لله. انظر: فتح الباري (١/ ١٥٢).
(١٩) أي: ثلاثة أيام، وفي (ط): "ثلاث". فالمراد: ثلاث ليالٍ أو ثلاثة أيام، وهذا ظاهره مخالفٌ لحديث أبي هريرة -الآتِي- أنه قال: "ثم أدبر الرجل، فقال : ردوا عليَّ الرجل، فأخذوا ليردُّوه فلم يروا شيئًا، فقال : هذا جبريل … الخ".
وللجمع بين اللفظين قال النووي: "يحتمل أن عمر لم يحضر قول النبي لهم في =
⦗٢٥⦘ = الحال؛ بل كان قد قام من المجلس، فأخبر النبي الحاضرين في الحال وأخبر عمر بعد ثلاثٍ إذ لم يكن حاضرًا وقت إخبار الباقين … والله أعلم". شرح النووي (١/ ١٦٠).
(٢٠) كذا في الأصل، وتحتمل صورتها كذلك في (م) أيضًا، وفي (ط): "جبريل" كما في مصادر التخريج. قال الحافظ: "فيها ثلاث عشرة لغة"، فجِبْريل بكسر الجيم وسكون الموحدة كسر الراء وسكون التحتانية بغير همز ثم لام خفيفة، وهي قراءة أبي عمرو ونافع ورواية عن عاصم، وبفتح الجيم والراء ثم همزة هي قراءة حمزة والكسائي، وهذا الأخير موافقٌ لما جاء في نسخة الأصل هنا. انظر: فتح الباري (٦/ ٣٥٤).
(٢١) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الإيمان والإِسلام والإحسان، ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله .... (١/ ٣٦ - ح ١) من طريق وكيع ومعاذ بن معاذ العنبري كلاهما عن كهمس.
فائدة الاستخراج:
١ - رواه مسلم من طريق وكيع ومعاذ العنبري ولم يبين اختلاف لفظيهما في قوله: "فأخبرنِي عن أماراتها"، وبينه المصنِّف.
٢ - رواية المصنِّف فيها زيادة شرح وبيان للمجمل من رواية مسلم في قوله: "فلبِثنا مليًّا" فبينت رواية المصنِّف أنها ثلاثة أيام.
٣ - في إسناد مسلم: "ابن بريدة" لم يبين، ورواية المصنِّف بينته: "عبد الله بن بريدة".