للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٦ - حَدثنا العباس بن محمَّد، وَأبو أُميَّةَ قالا: حدثنا شَبَابَةُ بن سوَّار (١)، حدثنا شُعبَةُ، عَنْ أبي جمرة (٢) قال: كنْتُ أُترجم (٣) بينَ ابن عباس وَبين الناس، وكان يُقعدنِي مَعَهُ (٤) على سريره، وَكان عَلَيَّ يَمينٌ

⦗٦٢⦘ أن لا أسأَله عن النبيذِ، فأمرَتْنِي امرأةٌ أَنْ أسْألَه عنه، فَلم أسْأله فَسُئل عنه؛ فَنَهى عنه، قلتُ: إنِي أنبذُ نبيْذًا لي في جَرٍّ، حُلوًا، إذا شَرِبْتُه يُقرقِرُ بَطنِي منهُ (٥)؟ فقال: لا تشرَبْهُ؛ وإن كان أحلى مِن العَسَل. قلتُ: فإن عبد القيسِ تَنبذ لها نبيْذًا شَديدًا (٦) في مَزادٍ؟ قال: إن خشيْتَ شِدَّتَه فاكسِرهُ بالماء.

ثم حَدَّث أَنَّ وفدَ عبد القيس قدِمُوا على النبِي ، فَقال: "ممن القومُ؟ " قالوا: رَبيعة. قال: "مرحبًا بوفدٍ (٧) غير الخزايا ولا الندامى"، قالوا: يا رسول الله إن بيننا وبينك هذا الحيّ من كفار مُضَر، وبيننا وبينك شقَّةٌ بَعيدة، وإنَّا لا نَصل إليك إلا في شهْرٍ حَرَامٍ، فَمُرْنَا بأمْرٍ فَصْلٍ ندخُل به الجَنَّة، وَنُخبر (٨) مَنْ وَرَاءنا.

فأمرهم رَسُولُ الله بأربعٍ، وَنهاهم عن أربعٍ: أمرهم بالإيمان باللهِ وحْدَه، ثم قال: "أتدرون ما الإيمانُ باللهِ؟ "، قالوا: الله وَرَسوله أعلم. قال: "شهادَةُ أن لا إلهَ إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله" (٩)، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزكاة، وَصيَام رمضانَ، وأن تُعطوا من المغنم

⦗٦٣⦘ الخُمْسَ وَنهاهم عن أربعٍ: عَن الدباء، والحَنْتَم، والنَّقِير (١٠)، والمُزَفَّت، ورُبما قال: المُقَيَّر (١١).

ثم قال: احفَظُوهنَّ، وبلِّغوهنَّ مَنْ وَرَاءكم" (١٢).


(١) سَوَّار -بالتشديد- المدائنِي، مولى بنِي فزارة، جعله علي بن المديني في أول طبقات أصحاب شعبة. سؤالات السلمي للدارقطنِي (ص ٢٢٦).
(٢) نصر بن عمران الضُّبَعِي البصري. قال ابن الصلاح: "وليس في الصحيحين بهذه الكنية أحدٌ سوى نصر هذا". صيانة صحيح مسلم (ص ١٤٩).
(٣) ترجم كلامه: إذا فسَّره بلسان آخر. الصحاح -للجوهري (٥/ ١٩٢٨)، والنهاية لابن الأثير (١/ ١٨٦).
قال ابن الصلاح: "فيه أنه كان يتكلم بالفارسية، فكان يُترجِم لابن عباس، عن من يتكلَّم بها. وعندي أنَّ معناه: أنه كان يبلِّغ كلام ابن عباس إلى من خفي عليه من الناس إما لزحام منع من سماعه فأسمعهم، وإما لاختصار منع من فهمه فأفهمهم، أو نحو ذلك. وإطلاقه ذكر الناس يشعر بهذا، ويبعد أن يكون المراد به الفرس خاصة، وليست الترجمة مخصوصة بتفسير لغة أخرى". صيانة صحيح مسلم (ص ١٥٣).
وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم (١/ ١٨٦): "الظاهر أنه يفهمهم عنه، ويفهمه عنهم والله أعلم".
(٤) لفظة "معه" ليست في (ط).
(٥) في (ط): "تقرقر منه بطني".
(٦) في (ط): "تنبذ نبيذًا لها شديدًا".
(٧) في (ط): "بالوفد"، ورواية مسلم "بالقوم أو بالوفد".
(٨) في (ط): "ونخبر به" وهي موافقة لرواية مسلم.
(٩) سقطت عبارة الصلاة عليه من (ط).
(١٠) هذه الكلمة "النقير" مطموسة في (م).
(١١) سقطت من (م) عبارة: "وربما قال: المقير"، والشك من شعبة كما في صحيح البخاري وسيأتي تخريجه. والمزفَّت والمقيَّر بمعنى واحد، وهو المطلي بالزفت أو القار، وفي صحيح مسلم عن ابن عمر قال: "المزفَّت هو المقيَّر". (كتاب الأشربة -باب النهي عن الانتباذ في المزفت ١/ ١٥٨٣ رقم ٥٧). وفسَّر هناك أيضًا الدبَّاء: "هي القرعة، والحنتم: هي الجرَّة، والنقير: هي النخلة تنسح نسحًا وتنقر نقرا".
انظر: صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص: ١٥٢).
(١٢) أخرجه البخاري أيضًا في مواضع من صحيحه، منها: كتاب الإيمان -باب أداء الخمس من الإيمان (الفتح ١/ ١٥٧ ح ٥٣)، ومسلم في كتاب الإيمان -باب الأمر بالايمان بالله تعالى ورسوله وشرائع الدين … (١/ ٤٧ ح ٢٤) كلاهما من طريق شعبة به.
فائدة الاستخراج:
١ - زاد أبو عوانة في هذا الحديث على مسلم في قصة أبي جمرة مع ابن عباس من قوله: "وكان يقعدنِي معه على سريره … " إلى قول ابن عباس: "إن خشيت شدَّته فاكسره بالماء".
٢ - جاء في رواية مسلم: "مرحبًا بالقوم -أو بالوفد-" على الشك، ورواية المصنِّف بدون شك "بوفد" أو "بالوفد" على النسخة الأخرى.