للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيها تلقى أبو عوانة علوم الشافعي وسمع كتبه من إسماعيل بن يحيى المزني والربيع بن سليمان المرادي ثم عاد إلى إسفرايين وأظهر بها مذهب الشافعي، وكان أول من أظهره هناك (١) وظل ينشر العلم إلى أن توفي بها رحمه الله تعالى على ما سنذكره في وفاته إن شاء الله تعالى.

وهكذا نجد أبا عوانة قد طاف أقطار الدولة الإسلامية وتعب في كتابة الحديث، ولم يأل جهدًا في ذلك وصار إلى القرى بله المدن، وكان إذ يلتقي بالعلماء يذاكرهم ويدارسهم بما سمعه من شيوخ تلك البقاع التي زارها، ومن ذلك لقاؤه بأبي حاتم محمد بن إدريس الرازي.

قال أبو عوانة: سألني أبو حاتم ما كتبت بالشام قدمتي الثالثة، فأخبرته بكتبتي مائة حديث لأحمد بن يحيى بن حمزة كلها عن أبيه، فساءه ذلك وقال: سمعت أنَّ أحمد يقول: لم أسمع من أبي شيئًا. فقلت: لا يقول "حدثني أبي" إنما يقول: "عن أبيه إجازة" (٢). ومن ذلك أيضًا مناقشته للمزني وبيان أدلته في مسألة الإيمان والإسلام هل هما بمعنى واحد أم لا؟ (٣).

ويبدو أن أبا عوانة قد شغله علم الحديث فأنفق حياته في تطلبه وكتابته، ومن ثَمَّ بَرَز فيه وأصبح إمامًا يرحل إليه، ويعتنى بسماع حديثه


(١) انظر: وفيات الأعيان (٦/ ٣٩٤)، السير (١٤/ ٤٢٠)، طبقات الشافعية للسبكي (٣/ ٤٨٧).
(٢) انظر: لسان الميزان (١/ ٢٩٥).
(٣) انظر: ح (٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>