للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤١١٢ - حدَّثنا علي بن سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حدَّثنا ضَمْرَةُ بن رَبِيْعَةَ (١)، حدَّثنا الأَوْزَاعِي، عن الزُّهْرِيِّ (٢)، عَنْ عروة، عن عَائِشَةَ قالتْ: "طَيبْتُ رسول الله بِيَدَيُّ حِيْنَ أَحْرَمَ وَحِيْنَ حَلَّ بِطِيْبٍ لَا يُشْبِهُ طِيْبَكُمْ هَذَا" يعنِي: قَلِيْلَ البَقَاءِ، لَمْ يَزوِهِ غَيرُ ضَمْرَةُ (٣).


(١) أبو عبد الله الفلسطيني، صدوق يهم قليلا. التقريب (ت ٢٩٨٨).
(٢) موضِعُ الالتقاء مع مسلم.
(٣) أخرجَه مسلم في كتاب الحجِّ -باب الطيب للمُحرم عند الإحرام (٢/ ٨٤٦، ح ٣١) =
⦗٢٧٢⦘ = عن محمد بن عَبَّاد، عن سُفيانَ بن عُيَيْنة، عن الزُّهريِّ بنحوه، وليْسَ في لفظِه قولُه: "لا يُشْبِه طِيبَكم هذا" وأخرجه النَّسائي في السُّنن الصُّغرى (ص ٤١٩، ح ٢٦٨٨) عن عيسى بن محمد أبي عُمير، وأخرجه أبو يعلى في مسنده (٧/ ٣٥٣) عن هارون ابن معروف، كلاهما عن ضَمْرةَ بنحوه: "لا يُشبه طيبَكم هذا"، كما أخرجه التمام الرازي في فوائده (١/ ١٨) عن خيثمة، عن أبي عتبة، عن ضمرة به بلفظ: "طيبتُ رسول الله بطيبٍ ليس فيه ثُفْلٌ" والثُّفل ما رَسَبَ تحتَ الشَّيءَ من خُثُورةَ وكُدْرةٍ كثُفْل الزَّيت والعَصير والمَرَقِ (الفائق ١/ ١٦٩).
ويريدُ المصنِّف بقولِه: "لَمْ يرْوِهِ غَيرُ ضَمْرَة"، أنَّ ضَمْرةَ لَمْ يُتابِعْه أحدٌ على روايته الحديثَ عن الأوزاعِيِّ عن الزُّهريّ به، فإنِّي لَمْ أقفْ على متابعٍ له عن الأوزاعي عن الزُّهري، ونصَّ على ذلك أبو بكر بن أبي داود عند ابن عساكر في تاريخ دمشق (٤٧/ ٣٣٨) ورواه غيرُ ضمرَةَ عن الأوزاعِيِّ، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة ، أخرجه النسائيُّ في السُّنن الكبرى (٢/ ٤٥٨) عن المُغيرة ابن عبد الرحمن، عن عيسى بن يونُس، وأخرجه إسحق بن راهَويه في مسنده (٢/ ٣٨٣، ٤٤٢) عن موسى القاريّ، عن المُفَضَّل بن يونس، كلاهما عن الأوزاعيِّ، عن عبد الرحمن بن القاسم به، وفي لفظه: "قالَ القَاسِمُ: ولَمْ يَكُنْ طِيْبُه كَطِيْبِكُم هَذَا الخَاثِرِ، إِنَّما كانَ الذَّرِيْرَةَ وَنَحْوَها يَذْهَبُ سَرِيْعًا، وإنَّمَا خَلَقَ أَحَدُكُم رَأْسَهُ وَقَدْ بَقِيَ فِيْهِ مِنَ الطِّيْبِ بَعْد".
ويَظْهَرُ لي -والله أعلم- أنَّ الإمام الأوزاعِيَّ روى الحديث على الوجهين، فرواه ضَمرةُ عنه، عن الزُهريِّ به، ورواه المُفَضَّلُ بن يونس، وعيسى بن يُونس، عنهُ عن عبد الرحمن بن القاسِم به، وكِلا الوجْهينِ صحيحٌ لمجيئه بأسانيدَ صَحِيحَة، ولكنَّ زيادة قوله: "لا يُشبهُ طيبَكم هذا" في روايته عن الزُّهري موضعُ إشكالٍ لسبَبين: =
⦗٢٧٣⦘ = أولهما: مخالفة سفيانُ بن عُيينة له فيها، فلم يأت بالزيادة المذكورة عن الزُّهري، وقد صدَّر الإمام مسلم البابَ برواية سُفيان بن عيينة لقُوَّتها، وكذا سائر الرُّواة عن عروة بن بن الزُّبير- شيخِ الزهري في الحديث- لا يذكرونها، كما في أحاديث هذا الباب، وأحاديث الباب الأول في القسم المحقق: باب الطيب للمحرم يجده والجماع عند إحرامه.
ثانيهما: كلام بعض الأئمة في حديث الأوزاعي عن الزُّهري، وأنَّه يهِمُ فيه، قال ابن معين: "الأوزاعي في الزُّهري ليس بذاك، أخذ كتاب الزُّهري من الزبيدي"، وقال الجوزجاني: "فأما الأوزاعي فربَّما يهِمُ في الزُّهري". شرح علل الترمذي لابن رجب (٢/ ٦٧٤، ح ٦٧٥).
وعلى افتراض صحَّة الزيادة المذكورة فإنَّ تفسير بعض الرواة لها (نصَّ ابن عسكر أنَه ابن يونس) بقوله: "قليل البقاء" غيرُ صحيحٍ، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "قال بعض رواته: يعني لا بقاء له، أخرجه النسائي، ويردُّ هذا التأويلَ ما في الذي قبله ولمسلم من رواية منصور بن زاذان عن عبد الرحمن بن القاسم: "بطيب فيه مسك"، وله من طريق الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم: "كأني انظر إلى وبيص المسك"، وللشيخين من طريق عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه: "بأطيبِ ما أجدُ"، وللطَّحاوي والدارقطنيِّ من طريق نافع عن ابن عمر عن عائشة: "بالغالية الجيدة" وهذا يدل على أنَّ قولها: "بطيبٍ لا يُشبه طيبَكم" أي أطيبَ منه، لا كما فهمه القائل: يعني ليس له بقاء".
انظر: فتح الباري (٣/ ٤٤٦)، تاريخ مدينة دمشق (٤٧/ ٣٣٨)، عمدة القاري (٩/ ١٥٨).
من فوائد الاستخراج: مجيئ زيادةٍ عند أبي عوانة لم تَردْ عند صاحبِ الأصْل =
⦗٢٧٤⦘ = -صحيح مسلم- وهي: وَصْف الطِّيب الذي طيَّبتْ به عائشةُ رسول الله ، وأنَّها طيَّبتْه بيديها.