للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤٦١٤ - حدّثنا جعفر بن محمّد الصائغ، قال: حدّثنا عبيد الله بن محمّد (١)، قال: حدّثنا حماد بن سلمة، عن ثابت عن أنس قال: "كنت رديفًا لأبي طلحة يوم خيبر، وإن قدَمِي لتَمسّ قَدم النّبيّ ، فأتينا خيبر حين بزغت الشّمس، وقد خرجوا بمواشيهم وفؤوسهم ومرورهم (٢) ومكاتلهم (٣)، فقالوا: محمّد والخميس، محمّد والخميس، فقال رسول الله : الله أكبر، خربت خيبر، إِنّا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباحُ المُنْذَرِينَ، فقاتلهم رسول الله فظهر عليهم.

فلما قُسم المغنم قيل: يا رسول الله، إنّه قد وقع في سهم دحية الكلبي جارية جميلة؛ فابتاعها (٤) رسول الله

⦗٣٢١⦘ بسبعة (٥) أَرْؤُسٍ، ثمّ دفعها إلى أُمِّ سُليم تُهيئها وتُصَنِّعها (٦)، وكانت أُمّ سُلَيم تغزو مع رسول الله ، فبنى بها رسول الله ، فدعا ليس بالأنطاع (٧) وفُحصَت (٨) الأرض أفاحيص، ثمّ وُضعت الأنطاع فيها، ثمّ جِئ بالسمن والتّمر والأقط فأكل النَّاس حتّى شبعوا. فقال النَّاس: أتزوجها أَم أتَّخَذها أُمَّ وَلَدٍ؟ قالوا: إنْ حَجَبها فهي امرأته، وإن لم يَحْجُبها فهي أُمَّ وَلَدٍ، فلما أراد أن يركب حجبها حتّى قعَدَتْ على عَجُزِ البَعير خلفه ثمّ ركب، فَلَمَّا دنا من المدينة أوضع (٩) وأوضع النَّاس

⦗٣٢٢⦘ وأشرف النِّساء (١٠) ينظرن، وعثرت برسول الله راحتله (١١)، فوقع ووقعت صفية، فقام رسول الله فحجبها، فقالت النساء: أبعد الله اليهودية، فعل بها وفعل بها، وشمتن بها.

قال ثابت: فقلت لأنس: يا أبا حمزة، أوقع رسول الله عن راحتله؟ قال: إي والله لقد وقع يا أبا محمّد عن راحلته".

قال أنس: "وشهدت وليمة زينب بنت جحش فأشبع رسول الله النَّاس خبزا ولحمًا، كان بعثني فادعو النَّاس فإذا أكلوا خرجوا وجاء الآخرون. فلما فرغ خرج من بيتها وخرجت معه، وتخلف رجلان استأنس بهما الحديث. فخرج رسول الله فجعل يطوف على نسائه يستقر (١٢) بهم بيتًا بيتًا وأنا معه كلما أتى على باب امرأة قال: السّلام عليكم، كيف أصبحتم أهل البيت؟ فيقولون: بخير يا رسول الله، كيف وجدت أهلك؟ فيقول: خير. فلما مر بهن أجمع، رجع ورجعت معه، فلما بلغ باب البيت رأى الرجلين قد استأنس بهما الحديث، فكره مكانهما، فلما رأى الرجلان (١٣) أنه رجع خرجا. قال:

⦗٣٢٣⦘ فرجع رسول الله قال أنس: فوالله ما أدري أنا أخبرته أم نزل عليه الوحي أنهما خرجا، فرجع ورجعت معه فلما وضع رجله في أسكُفّة الباب أرخى الستر بيني وبينه، ونزلت آية الحجاب" (١٤).


(١) عبيد الله بن محمّد بن عائشة، التيمي، العيشي.
(٢) مرورهم، جمع المرُّ وهي: المِسْحاة. لسان العرب ٥/ ١٧٠.
(٣) مكاتلهم: المِكتل بكسر الميم: الزّبيل الكبير. قيل إنّه يسع خمسة عشر صاعًا. النهاية ٤/ ١٥٠.
(٤) وفي مسلم: "اشترى" وستأتي هذه اللفظة في ٤٦١٦. قال الحافظ: وإطلاق الشراء على ذلك على سبيل المجاز، وليس في قوله (سبعة أرؤس) ما ينافي قوله هنا -أي البخاريّ، وقد سبق في ح ٤٦٠٩ - (خذ جارية) إذ ليس هنا دلالة على نفي الزيادة. الفتح ١/ ٤٨١.
(٥) وقال أيضًا: وقع في رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عند مسلم أن صفية وقعت في سهم دحية، وعنده أيضًا فيه "فاشتراها من دحية بسبعة أرؤس" -وسيأتي في ح ٤٦١٦ - فالأولى في طريق الجمع أن المراد بسهمه هنا نصيبه الّذي اختاره لنفسه، وذلك أنه سأل النبي أن يعطيه جارية فأذن له أن يأخذ جارية، فأخذ صفية. فلما قيل للنبي أنها بنت ملك من ملوكهم ظهر أنها ليست ممّن توهب لدحية، لكثرة من كان في الصّحابة مثل دحية وفوقه، وقلة من كان في السبي مثل صفية ونفاستها، فلو خصه بها لأمكن تغير خاطر بعضهم، فكان من المصلحة العامة ارتجاعها منه واختصاص النبي بها، فإن ذلك رضا الجميع، وليس ذلك من الرجوع في الهِبَة من شيء. فتح الباري ٧/ ٤٧٠.
(٦) تصنعها: تزينها. لسان العرب ٨/ ٢١١.
(٧) الأنطاع، جمع نطع، والنِّطع من الأدَم: معروف. وتقدم معناه في ح ٤٦٠٩.
(٨) فحصت الأرض أفاحيص: حفرت. النهاية ٣/ ٤١٥.
(٩) في مسلم: ودفع بدل أوضع.
(١٠) هكذا في الأصل، كتب فوقه: النَّاس ينظرون.
(١١) في مسلم: الناقة العضباء.
(١٢) يستقريهم من تقرى، وقد تقدّم شرحه في الحديث المعلق المذكور بعد ح ٤٥٩٩.
(١٣) قال الحافظ: في رواية عبد العزيز "وبقي ثلاثة رهط" وفي رواية حميد -وهي في =
⦗٣٢٣⦘ = البخاريّ، ٤٧٩٤ - (فلما رجع إلى بيته رأى رجلين) … ويجمع بين الروايتين بأنهم أول ما قام وخرج من البيت كانوا ثلاثة وفي أخر ما رجع توجه واحد منهم في أثناء ذلك فصاروا اثنين، وهذا أولى من جزم ابن التين بأن إحدى الروايتين وهم، وجوز الكرماني أن يكون التحديث وقع من اثنين منهم فقط والثّالث كان ساكتا، فمن ذكر الثّلاثة لحظ الأشخاص، ومن ذكر الاثنين لحظ سبب القعود. فتح الباري ٨/ ٥٢٩.
ثمّ شرحه بتفصيل أوسع في ٨/ ٥٣٠.
(١٤) رواه مسلم في صحيحه، في النِّكاح باب فضيلة إعتاقه أمته ثمّ يتزوجها (٢/ ١٠٤٥ - ١٠٤٦) ح ٨٧ - من طريق عفان عن حماد بن سلمة، به. بألفاظ متقاربة. وفيه بدل (آية الحجاب)، قال: وأنزل الله تعالى هذه الآية ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾.
زاد أبو عوانة قوله: (الله أكبر) و (فقاتلهم رسول الله ) و (فلما قسم المغنم قيل يا رسول الله) ولفظ "وكانت أم سليم تغزو مع رسول الله " ولفظ "فعل بها وفعل بها وشمتن بها" ولفظ "يا أبا محمّد عن راحلته" ولفظ "فكره مكانهما".