للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفوا فيما إذا قدروا على العدو بغير التحريق بالنار إلى قولين:

القول الأول: لا يجوز إحراقهم بالنار إذا قدروا عليهم بغيرها.

وبهذا قال المالكية (١) والحنابلة (٢) .

واستدلوا: بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعث فقال: (إن وجدتم فلانا، وفلانا (٣) فأحرقوهما بالنار، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أردنا الخروج: إني أمرتكم أن تحرقوا فلانا، وفلانا، وأن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما) (٤) .

وجه الدلالة: أن من ذكر في الحديث مقدور عليهما بغير الحرق بالنار، فلم يجز إحراقهما بالنار وإنما يقتلان بغير الإحراق.

قال ابن حجر: ومحل الحديث إذا لم يتعين التحريق طريقا إلى الغلبة على الكفار حال الحرب (٥) . ومفهوم كلامه أنه إذا تعين التحريق طريقا إلى الغلبة على الكفار حال القتال جاز تحريقهم بالنار. القول الثاني: أنه يجوز إحراق العدو بالنار ولو قدروا عليهم بغيرها.

وبهذا قال الحنفية (٦) والشافعية (٧) .


(١) حاشية الخرشي (٤/١٥) والمدونة (٢/٧) .
(٢) المغني (١٣/١٣٨) وكشاف القناع (٢/٣٧٧) والمبدع (٣/٣٢١) .
(٣) هما: هبار بن الأسود ونافع بن عبد قيس وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسر أبو العاص بن الربيع زوج ابنته زينبت يوم بدر أطلقه من المدينة وشرط عليه أن يجهز له ابنته زينب فجهزها فتبعها هبار ونافع فنخسا بعيرها فأسقطت ومرضت من ذلك، والقصة مشهورة انظر: السيرة النبوية لابن هشام (٢/٤٥٦) وفتح الباري (٦/١٨٤) .
(٤) صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد والسير باب لا يعذب بعذاب الله، ح رقم ... (٣٠١٦) .
(٥) فتح الباري (٦/١٨٤) .
(٦) المبسوط (١٠/٣٢) وبدائع الصنائع (٦/٦٢) .
(٧) الأم (٤/٢٤٣) والحاوي الكبير (١٤/١٨٣) وروضة الطالبين (١٠/٢٤٤) وهذا مفهوم من إطلاق قولهم في جواز إحراق الكفار دون قيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>