للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الثالثة: إذا تلفت عنده في سنة التعريف بتفريط منه.

اتفق الفقهاء (١) فيما أعلم على أنه يضمن اللقطة.

جاء في المغني: (وإن أتلفها الملتقط أو تلفت عنده بتفريطه ضمنها.. لا أعلم في ذلك خلافا) (٢) .

الصورة الرابعة: إذا تلفت اللقطة عنده بعد سنة التعريف.

لا يخلو الحال في هذه الصورة أن يتملك اللقطة ويتصرف فيها، أو لا يتملكها ولا يتصرف فيها. فإن تملكها وتصرف فيها، فقد ذهب عامة الفقهاء (٣)

في هذه الحالة إلى أنه يضمن اللقطة تعدى أو لم يتعد، بل نقل بعضهم اتفاق الفقهاء على ذلك.

جاء في رحمة الأمة: (إذا مضى على اللقطة حول وتصرف فيها الملتقط بنفقة أو بيع أو صدقة فلصاحبها إذا جاء أن يأخذ قيمتها يوم تملكها بالاتفاق) (٤) .

واستدلوا بحديث زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن اللقطة فقال: (عرفها سنة فإن لم تعترف فاعرف عفاصها ووكاءها ثم كلها فإن جاء صاحبها فأدها إليه) (٥) .

وجه الدلالة: أن قوله: (فإن جاء صاحبها فأدها إليه) بعد قوله: (كلها) يقتضي وجوب ردها بعد أكلها، فيحمل على رد البدل (٦) .


(١) بدائع الصنائع (٥/٢٩٦) وبداية المجتهد (٢/٣١٢) والفواكه الدواني (٢/٢٨٥) وروضة الطالبين (٥/٤٠٦) والمجموع مع التكملة (١٦/١٧١) والكافي في فقه الإمام أحمد (٢/٢٥٤) .
(٢) المغني (٨/٣١٣) .
(٣) فتح القدير (٥/٣٥٢) وحاشية ابن عابدين (٦/٤٣٨) والمعونة (٢/١٢٦٢) والفواكه الدواني (٢/٢٨٤) وروضة الطالبين (٥/٤٠٧) وفتح الباري (٥/١٠٦) المبدع (٥/٢٨٢) .

وخالف داود الظاهري وبعض الشافعية كالكرابيسي فقالوا: لا ضمان مطلقا؛ لأن قوله - صلى الله عليه وسلم - (فإن جاء صاحبها فأدها إليه) لم يذكر وجوب البدل، انظر فتح الباري (٥/١٠٦) ونيل الأوطار (٥/٣٤٣) وحلية العلماء (٥/٥٣١) والمغني (٨/٣١٣) ويظهر أنه قول ضعيف لا يحتاج إلى مناقشة، للأدلة الصحيحة في ضمان اللقطة إذا استنفقت، ولأنه مال معصوم فلا يسقط حقه منه مطلقا.
(٤) رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص ٣٦٤ وانظر: شرح صحيح مسلم للنووي ... (١١/٢٦٩) وبداية المجتهد (٢/٣٠٩) .
(٥) صحيح مسلم مع شرح النووي، كتاب اللقطة، ح رقم ٦- (١٧٢٢) .
(٦) فتح الباري (٥/١٠٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>