للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ دَلْوٌ يَسَعُ فِيهَا صَاعًا، وَلَوْ نُزِحَ مِنْهَا بِدَلْوٍ عَظِيمٍ مَرَّةً مِقْدَارُ عِشْرِينَ دَلْوًا جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ.

قَالَ (وَإِنْ مَاتَتْ فِيهَا شَاةٌ أَوْ كَلْبٌ أَوْ آدَمِيٌّ نُزِحَ جَمِيعُ مَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ) لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ الزُّبَيْرِ أَفْتَيَا بِنَزْحِ

وَيَتْرُكُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ فَلِنَجَاسَةٍ ظَهَرَتْ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ أَوْ لِلتَّنْظِيفِ فَدُفِعَ بِأَنَّ عَدَمَ عِلْمِهِمَا لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى. وَرِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَلِكَ كَعِلْمِك أَنْتَ بِهِ. فَكَمَا قُلْت يَتَنَجَّسُ مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ لِدَلِيلٍ آخَرَ وَقَعَ عِنْدَك لَا يُسْتَبْعَدُ مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالظَّاهِرُ مِنْ السَّوْقِ وَاللَّفْظِ الْقَائِلِ مَاتَ فَأَمَرَ بِنَزْحِهَا أَنَّهُ لِلْمَوْتِ لَا لِنَجَاسَةٍ أُخْرَى، عَلَى أَنَّ عِنْدَك لَا تُنْزَحُ أَيْضًا النَّجَاسَةُ، ثُمَّ إنَّهُمَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ قَرِيبٌ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، فَكَانَ إخْبَارُ مَنْ أَدْرَكَ الْوَاقِعَةَ وَأَثْبَتَهَا أَوْلَى مِنْ عَدَمِ عِلْمِ غَيْرِهِ. وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ: كَيْفَ يَصِلُ هَذَا الْخَبَرُ إلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ وَيَجْهَلُهُ أَهْلُ مَكَّةَ، اسْتِبْعَادٌ بَعْدَ وُضُوحِ الطَّرِيقِ، وَمُعَارَضٌ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لِأَحْمَدَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ مِنَّا، فَإِذَا كَانَ خَبَرٌ صَحِيحٌ فَأَعْلِمُونِي حَتَّى أَذْهَبَ إلَيْهِ كُوفِيًّا كَانَ أَوْ بَصْرِيًّا أَوْ شَامِيًّا، فَهَلَّا قَالَ: كَيْفَ يَصِلُ هَذَا إلَى أُولَئِكَ وَيَجْهَلُهُ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ، وَهَذَا لِأَنَّ الصَّحَابَةَ انْتَشَرَتْ فِي الْبِلَادِ خُصُوصًا الْعِرَاقَ. قَالَ الْعِجْلِيّ فِي تَارِيخِهِ: نَزَلَ الْكُوفَةَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَنَزَلَ قِرْقِيسًا سِتُّمِائَةٍ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ مِنْ الْكِتَابِ، وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْبِئْرِ الْقَدْرُ الْوَاجِبُ نُزِحَ مَا فِيهَا، فَإِذَا جَاءَ الْمَاءُ بَعْدَهُ لَا يُنْزَحُ مِنْهُ شَيْءٌ آخَرُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْأَرْبَعَ كَفَأْرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْخَمْسَ كَالدَّجَاجَةِ إلَى تِسْعٍ، وَالْعَشْرَ كَالشَّاةِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ: الْفَأْرَتَانِ إذَا كَانَتَا كَهَيْئَةِ الدَّجَاجَةِ يُنْزَحَ أَرْبَعُونَ، وَفِي الْهِرَّتَيْنِ يُنْزَحُ مَاؤُهَا كُلُّهُ، وَالْهِرَّةُ مَعَ الْفَأْرَةِ كَالْهِرَّةِ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَلَوْ كَانَتْ الْفَأْرَةُ مَجْرُوحَةً نُزِحَ الْكُلُّ لِلدَّمِ، وَلَا يُفِيدُ النَّزْحُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ، وَلَوْ صُبَّ مِنْهَا دَلْوٌ فِي بِئْرٍ طَاهِرَةٍ نُزِحَ الْمَصْبُوبُ وَقَدْرُ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّلْوِ مِنْ الثَّانِيَةِ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَدْرُ الْبَاقِي فَقَطْ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ. فَعَلَى هَذَا لَوْ صُبَّ الدَّلْوُ الْأَخِيرُ فِي أُخْرَى طَاهِرَةٍ يُنْزَحُ مِنْهَا دَلْوٌ فَقَطْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَلَوْ صُبَّ مَاءُ بِئْرٍ نَجِسَةٍ فِي بِئْرٍ أُخْرَى وَهِيَ نَجِسَةٌ أَيْضًا يُنْظَرُ بَيْنَ الْمَصْبُوبِ وَبَيْنَ الْوَاجِبِ فِيهِمَا، فَأَيُّهُمَا كَانَ أَكْثَرَ أَغْنَى عَنْ الْأَقَلِّ.

فَإِنْ اسْتَوَيَا فَنَزْحُ أَحَدِهِمَا يَكْفِي. مِثَالُهُ: بِئْرَانِ مَاتَتْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَأْرَةٌ فَنُزِحَ مِنْ إحْدَاهُمَا عَشَرَةٌ مَثَلًا وَصُبَّ فِي الْأُخْرَى يُنْزَحُ عِشْرُونَ، وَلَوْ صُبَّ دَلْوٌ وَاحِدٌ فَكَذَلِكَ، وَلَوْ مَاتَتْ فَأْرَةٌ فِي بِئْرٍ ثَالِثَةٍ فَصُبَّ فِيهَا مِنْ إحْدَى الْبِئْرَيْنِ عِشْرُونَ وَمِنْ الْأُخْرَى عَشَرَةٌ يُنْزَحُ ثَلَاثُونَ، وَلَوْ صُبَّ فِيهَا مِنْ كُلٍّ عِشْرُونَ نُزِحَ أَرْبَعُونَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْزَحَ الْمَصْبُوبُ، ثُمَّ الْوَاجِبُ فِيهَا عَلَى رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ هَذَا كُلُّهُ فِي الْفَتَاوَى، وَفِي التَّجْنِيسِ مَا يُخَالِفُ هَذَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ فِي بِئْرَيْنِ مَاتَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا سِنَّوْرٌ فَنُزِحَ مِنْ إحْدَاهُمَا دَلْوٌ وَصُبَّ فِي الْأُخْرَى يُنْزَحُ مَاؤُهَا كُلُّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>