للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ فِي تَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ)

(وَيَبْدَأُ بِتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَيَخْتِمُ عَقِيبَ صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ) عِنْدَ

لَا يُكْرَهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ فَعَلَ ذَلِكَ بِالْبَصْرَةِ انْتَهَى.

وَهَذِهِ الْمُقَاسَمَةُ تُفِيدُ أَنَّ مُقَابِلَهُ مِنْ رِوَايَةِ الْأُصُولِ الْكَرَاهَةُ، وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْوُقُوفَ عَهْدُ قُرْبَةٍ فِي مَكَان مَخْصُوصٍ فَلَا يَكُونُ قُرْبَةً فِي غَيْرِهِ. وَجَوَابُهُ عَنْ الْمَرْوِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مَا كَانَ لِلتَّشَبُّهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُعَلَّقَةٌ بِقَصْدِ التَّشَبُّهِ، وَالْأَوْلَى الْكَرَاهَةُ لِلْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَلِأَنَّ فِيهِ حَسْمًا لِمَفْسَدَةٍ اعْتِقَادِيَّةٍ تُتَوَقَّعُ مِنْ الْعَوَامّ، وَنَفْسُ الْوُقُوفِ وَكَشْفُ الرُّءُوسِ يَسْتَلْزِمُ التَّشَبُّهَ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ. فَالْحَقُّ أَنَّهُ إنْ عَرَضَ الْوُقُوفُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِسَبَبٍ يُوجِبُهُ كَالِاسْتِسْقَاءِ مَثَلًا لَا يُكْرَهُ، أَمَّا قَصْدُ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ فِيهِ فَهُوَ مَعْنَى التَّشَبُّهِ إذَا تَأَمَّلْت، وَمَا فِي جَامِعِ التُّمُرْتَاشِيِّ لَوْ اجْتَمَعُوا لِشَرَفِ ذَلِكَ الْيَوْمِ جَازَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ بِلَا وُقُوفٍ وَكَشْفٍ.

(فَصْلٌ فِي تَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ)

وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ التَّكْبِيرُ الَّذِي هُوَ التَّشْرِيقُ، فَإِنَّ التَّكْبِيرَ لَا يُسَمَّى تَشْرِيقًا إلَّا إذَا كَانَ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيَّامِ الْمَخْصُومَةِ فَهُوَ حِينَئِذٍ مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ، وَمَا فِي الْكَافِي مِمَّا يَدْفَعُ هَذَا، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي جَوَابِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ لِأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمِصْرِ بِالتَّكْبِيرِ بِأَثَرِ «لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ» أَيْ لَا تَكْبِيرَ إلَّا فِي مِصْرٍ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي تَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ مَعْنَاهَا تَكْبِيرُ التَّكْبِيرِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ التَّشْرِيقُ فِي هَذَا الْأَثَرِ لَا فِي تِلْكَ الْإِضَافَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الْإِضَافَةِ عَلَى مَعْنَى التَّكْبِيرِ، لَكِنَّ الْحَقَّ صِحَّتُهَا عَلَى اعْتِبَارِ إضَافَةِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ مِثْلَ مَسْجِدِ الْجَامِعِ وَحَرَكَةِ الْإِعْرَابِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهَا كَذَلِكَ تَصْحِيحًا، فَحِينَئِذٍ مَا قِيلَ لَقَبُ الْفَصْلِ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ شَيْئًا مِنْ التَّكْبِيرِ لَا يَقَعُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، أَوْ بِاعْتِبَارِ الْقُرْبِ؛ لِيَكُونَ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ غَيْرُ لَازِمٍ، وَأَيْضًا إنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ أُضِيفَتْ التَّكْبِيرَاتُ إلَى أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، لَكِنْ إنَّمَا أُضِيفَتْ إلَى التَّشْرِيقِ نَفْسِهِ، فَإِنَّمَا يَصِحُّ مَا ذُكِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>