كِتَابُ الرَّضَاعِ
قَالَ (قَلِيلُ الرَّضَاعِ وَكَثِيرُهُ سَوَاءٌ إذَا حَصَلَ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: لَا يَثْبُتُ
لَهَا وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ، وَمَا لَمْ تَقَعْ حَاجَةٌ إلَى الِاسْتِفْتَاءِ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْ الْخُرُوجِ إلَى مَجْلِسِ الْعِلْمِ، وَإِلَّا أَنْ يَكُونَ أَبُوهَا زَمِنًا وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَقُومُ عَلَيْهِ مُؤْمِنًا كَانَ أَوْ كَافِرًا فَإِنَّ عَلَيْهَا أَنْ تَعْصِيَ الزَّوْجَ فِي الْمَنْعِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ شَابَّةٌ تَخْرُجُ إلَى الْوَلِيمَةِ وَالْمُصِيبَةِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا لَا يَمْنَعُهَا ابْنُهَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ خُرُوجَهَا لِلْفَسَادِ فَحِينَئِذٍ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ بِالْمَنْعِ مَنَعَهَا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ النِّكَاحِ الْوَلَدَ وَهُوَ لَا يَعِيشُ غَالِبًا فِي ابْتِدَاءِ نَشْأَتِهِ إلَّا بِالرَّضَاعِ وَكَانَ لَهُ أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِهِ وَهِيَ مِنْ آثَارِ النِّكَاحِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ بِمُدَّةٍ وَجَبَ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِ أَحْكَامِهِ. قِيلَ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَهُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ لَكِنَّهُ أَفْرَدَهُ بِكِتَابٍ عَلَى حِدَةٍ لِاخْتِصَاصِهِ بِمَسَائِلَ كَشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَخَلْطِ اللَّبَنِ وَنَحْوِهِ. وَالْحَقُّ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ مَا تَتَعَلَّقُ الْمَحْرَمِيَّةُ بِهِ. وَإِنَّمَا ذَكَرَ هُنَا التَّفَاصِيلَ الْكَثِيرَةَ. وَالرَّضَاعُ وَالرَّضَاعَةُ بِكَسْرِ الرَّاءِ فِيهِمَا وَفَتْحِهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ وَالرُّضَّعُ الْخَامِسَةُ، وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيُّ الْكَسْرَ مَعَ الْهَاءِ، وَفَعَلَهُ فِي الْفَصِيحِ مِنْ حَدِّ عَلِمَ يَعْلَمُ، وَأَهْلُ نَجْدٍ قَالُوا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَعَلَيْهِ قَوْلُ السَّلُولِيِّ يَذُمُّ عُلَمَاءَ زَمَانِهِ: وَذَمُّوا لَنَا الدُّنْيَا وَهُمْ يَرْضِعُونَهَا ثُمَّ قِيلَ: كِتَابُ الرَّضَاعِ لَيْسَ مِنْ تَصْنِيفِ مُحَمَّدٍ ﵀ إنَّمَا أَلَّفَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَنَسَبَهُ إلَيْهِ لِيُرَوِّجَهُ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ أَبُو الْفَضْلِ فِي مُخْتَصَرِهِ الْمُسَمَّى بِالْكَافِي مَعَ الْتِزَامِهِ إيرَادَ كَلَامِ مُحَمَّدٍ ﵀ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ مَحْذُوفَةَ التَّعَالِيلِ. وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَوَائِلِ مُصَنَّفَاتِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْحَاكِمُ اكْتِفَاءً بِمَا أَوْرَدَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ.
وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: مَصُّ اللَّبَنِ مِنْ الثَّدْيِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لَئِيمٌ رَاضِعٌ: أَيْ يَرْضِعُ غَنَمَهُ وَلَا يَحْلُبُهَا مَخَافَةَ أَنْ يُسْمَعَ صَوْتُ حَلْبِهِ فَيُطْلَبُ مِنْهُ اللَّبَنُ. وَفِي الشَّرْعِ: مَصَّ الرَّضِيعِ اللَّبَنَ مِنْ ثَدْيِ الْآدَمِيَّةِ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ
أَيْ مُدَّةِ الرَّضَاعِ الْمُخْتَلَفِ فِي تَقْدِيرِهَا (قَوْلُهُ قَلِيلُ الرَّضَاعِ وَكَثِيرُهُ سَوَاءٌ إذَا تَحَقَّقَ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ) وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ؛ أَمَّا لَوْ شَكَّ فِيهِ بِأَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute