بَابُ الْأَنْجَاسِ وَتَطْهِيرِهَا
(تَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ وَاجِبٌ مِنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي وَثَوْبِهِ وَالْمَكَانِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾.
بِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَلْزَمُ أَنَّ الْخَارِجَ بَعْدَ الثَّانِي بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ غَيْرُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ اسْتِحَاضَةٌ، فَظَهَرَ أَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ مُحَمَّدٌ مِنْ أَنَّهَا حَامِلٌ وَصْفٌ لَا أَثَرَ لَهُ: إذْ الْمُؤَثِّرُ فِي نَفْيِ النِّفَاسِ ثُبُوتُ الِانْسِدَادِ لَا ثُبُوتُ الْحَمْلِ، بَلْ عَدَمُهُ فِي حَالَةِ الْحَمْلِ لَيْسَ إلَّا لِلِانْسِدَادِ وَقَدْ زَالَ فَهُوَ الْمَدَارُ، أَمَّا الْحَمْلُ فَعِلَّتُهُ قِيَامُ الْعِدَّةِ.
(قَوْلُهُ تَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ) أَيْ نَفْسُ مَحَلِّهَا أَمَّا هِيَ فَلَا تُطَهَّرُ (وَاجِبٌ) مُقَيَّدٌ بِالْإِمْكَانِ وَبِمَا إذَا لَمْ يَسْتَلْزِمْ ارْتِكَابَ مَا هُوَ أَشَدُّ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إزَالَتِهَا إلَّا بِإِبْدَاءِ عَوْرَتِهِ لِلنَّاسِ يُصَلِّي مَعَهَا لِأَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ أَشَدُّ، فَلَوْ أَبَدَاهَا لِلْإِزَالَةِ فَسَقَ، إذْ مَنْ اُبْتُلِيَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ مَحْظُورَيْنِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْتَكِبَ أَهْوَنَهُمَا، أَمَّا مَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ وَهُوَ مُحْدِثٌ إذَا وَجَدَ مَاءً يَكْفِي أَحَدَهُمَا فَقَطْ إنَّمَا وَجَبَ صَرْفُهُ إلَى النَّجَاسَةِ لَا الْحَدَثِ لِيَتَيَمَّمَ بَعْدَهُ فَيَكُونَ مُحَصِّلًا لِلطَّهَارَتَيْنِ، لَا لِأَنَّهَا أَغْلَظُ مِنْ الْحَدَثِ وَلَا أَنَّهُ صَرَفَ إلَى الْأَخَفِّ حَتَّى يَرُدَّ إشْكَالًا كَمَا قَالَهُ حَمَّادٌ حَتَّى أَوْجَبَ صَرْفَهُ إلَى الْحَدَثِ، وَقَوْلُنَا لِيَتَيَمَّمَ بَعْدَهُ هُوَ لِيَقَعَ تَيَمُّمُهُ صَحِيحًا اتِّفَاقًا، أَمَّا لَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ صَرْفِهِ إلَى النَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الصَّرْفِ إلَيْهَا فَكَانَ مَعْدُومًا فِي حَقِّ الْحَدَثِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْإِزَالَةِ لِخَفَاءِ خُصُوصِ الْمَحَلِّ الْمُصَابِ مَعَ الْعِلْمِ بِتَنَجُّسِ الثَّوْبِ قِيلَ: الْوَاجِبُ غَسْلُ طَرَفٍ مِنْهُ، فَإِنْ غَسَلَهُ بِتَحَرٍّ أَوْ بِلَا تَحَرٍّ طَهُرَ، وَذِكْرُ الْوَجْهِ بَيِّنٌ أَنْ لَا أَثَرَ لِلتَّحَرِّي وَهُوَ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضَهُ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ الثَّوْبِ وَقَعَ الشَّكُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute