وَالتَّدْبِيرِ وَأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ وَالْكِتَابَةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
بَابُ الْعَبْدِ يَعْتِقُ بَعْضُهُ
(وَإِذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى بَعْضَ عَبْدِهِ) عَتَقَ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَيَسْعَى فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَاهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَقَالَا:
أَوْرَدَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ لِيُفِيدَ تَغَايُرَ مَفْهُومَيْهِمَا، فَالرِّقُّ هُوَ الذُّلُّ الَّذِي رَكَّبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ جَزَاءَ اسْتِنْكَافِهِمْ عَنْ طَاعَتِهِ، وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حَقُّ الْعَامَّةِ عَلَى مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالْمِلْكُ هُوَ تَمَكُّنُ الْإِنْسَانِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ مَا لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعُ سَلْبِ الْوِلَايَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ حَقُّهُ، فَأَوَّلُ مَا يُؤْخَذُ الْأَسِيرُ يُوصَفُ بِالرِّقِّ لَا الْمَمْلُوكِيَّةِ حَتَّى يُحْرَزَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ، فَالْمِلْكُ عَامٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْجَمَادِ وَالْحَيَوَانِ وَالرِّقُّ خَاصٌّ بِالْإِنْسَانِ، وَبِالْبَيْعِ يَزُولُ عَنْهُ مِلْكُهُ وَلَا يَزُولُ الرِّقُّ، وَبِالْعِتْقِ يَزُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا. لَكِنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ قَصْدًا ثُمَّ يُتْبِعُهُ الرِّقُّ ضَرُورَةً فَرَاغَهُ بِذَلِكَ الزَّوَالِ عَنْ تَعَلُّقِ حُقُوقِ الْعِبَادِ بِرَقَبَتِهِ فَبَيَّنَ بِهِمَا أَنَّهُ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَلِذَا إذَا تَوَلَّدَ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِ الْمَأْكُولِ كَالْحِمَارِ الْإِنْسِيِّ مَعَ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ يُؤْكَلُ، وَإِذَا تَوَلَّدَ بَيْنَ الْوَحْشِ وَالْإِنْسِيَّةِ كَالْبَقَرَةِ يَنْزُو عَلَيْهَا حِمَارُ وَحْشٍ يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهِ، وَلِاخْتِلَافِ مَفْهُومَيْهِمَا قَدْ يَخْتَلِفَانِ فِي الْكَمْيَّةِ فِي شَخْصٍ فَهُمَا كَامِلَانِ فِي الْقِنِّ. وَرِقُّ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ نَاقِصٌ حَتَّى لَا يَجُوزَ عِتْقُهُمَا عَنْ الْكَفَّارَةِ وَالْمِلْكُ فِيهِمَا كَامِلٌ. وَالْمُكَاتَبُ عَكْسُهُ رِقُّهُ كَامِلٌ حَتَّى جَازَ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَمِلْكُهُ نَاقِصٌ حَتَّى خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ. وَمَا أَوْرَدَ مِنْ أَنَّ الرِّقَّ لَا يَقْبَلُ التَّجْزِيءَ فَكَيْفَ يَقْبَلُ النُّقْصَانَ يَنْدَفِعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِنُقْصَانِ الرِّقِّ نُقْصَانُ حَالِهِ لَا نُقْصَانُ ذَاتِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَحُكْمِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ، وَفِي النَّسَبِ يَتْبَعُ الْأَبَ وَفِي الدِّينِ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(بَابُ الْعَبْدِ يُعْتَقُ بَعْضُهُ)
لَا شَكَّ فِي كَثْرَةِ وُقُوعِ عِتْقِ الْكُلِّ وَنُدْرَةِ عِتْقِ الْبَعْضِ، وَفِي أَنَّ مَا كَثُرَ وُجُودُهُ فَالْحَاجَةُ إلَى بَيَانِ أَحْكَامِهِ أَمَسُّ مِنْهَا إلَى مَا يَنْدُرُ وُجُودُهُ، وَأَنَّ دَفْعَ الْحَاجَةِ الْمَاسَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّادِرَةِ فَلِذَا أَخَّرَ هَذَا عَمَّا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى بَعْضَ عَبْدِهِ عَتَقَ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَيَسْعَى فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَاهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي الْحَالِ، وَالِاسْتِسْعَاءُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute