للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ فِي الْغُسْلِ)

(وَإِذَا مَا أَرَادُوا غُسْلَهُ

فِي التَّلْقِينِ حَالَةَ الِاحْتِضَارِ، إذْ لَا يُرَادُ الْحَقِيقِيُّ وَالْمَجَازِيُّ مَعًا وَلَا مَجَازِيَّانِ، وَلَيْسَ يَظْهَرُ مَعْنَى يَعُمُّ الْحَقِيقِيَّ وَالْمَجَازِيَّ يُعْتَبَرُ مُسْتَعْمَلًا فِيهِ؛ لِيَكُونَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ لِلتَّضَادِّ، وَشَرْطُ إعْمَالِهِ فِيهِمَا أَنْ لَا يَتَضَادَّا.

ثُمَّ يَنْبَغِي فِي التَّلْقِينِ فِي الِاحْتِضَارِ أَنْ يُقَالَ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ يَسْمَعُ وَلَا يُقَالُ لَهُ قُلْ. قَالُوا: وَإِذَا ظَهَرَ مِنْهُ كَلِمَاتٌ تُوجِبُ الْكُفْرَ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ وَيُعَامَلُ مُعَامَلَةَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ فِي حَالِ زَوَالِ عَقْلِهِ، وَلِذَا اخْتَارَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنْ يَذْهَبَ عَقْلُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ لِهَذَا الْخَوْفِ، وَبَعْضُهُمْ اخْتَارُوا قِيَامَهُ حَالَ الْمَوْتِ، وَالْعَبْدُ الضَّعِيفُ مُؤْلِفُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَوَّضَ أَمْرَهُ إلَى الرَّبِّ الْغَنِيِّ الْكَرِيمِ مُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ طَالِبًا مِنْهُ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ أَنْ يَرْحَمَ عَظِيمَ فَاقَتِي بِالْمَوْتِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْإِيقَانِ ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، ثُمَّ يَقُولُ مُغْمِضُهُ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ، اللَّهُمَّ يَسِّرْ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَسَهِّلْ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَأَسْعِدْهُ بِلِقَائِك، وَاجْعَلْ مَا خَرَجَ إلَيْهِ خَيْرًا مِمَّا خَرَجَ عَنْهُ.

(فَصْلٌ فِي الْغُسْلِ)

غُسْلُ الْمَيِّتِ فَرْضٌ بِالْإِجْمَاعِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ خُنْثَى مُشْكِلًا فَإِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ: قِيلَ يُيَمَّمُ، وَقِيلَ يُغَسَّلُ فِي ثِيَابِهِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَسَنَدُ الْإِجْمَاعِ فِي السُّنَّةِ: قِيلَ وَنَوْعٌ مِنْ الْمَعْنَى. أَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ كَانَ آدَم رَجُلًا أَشْعَرَ طُوَالًا كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ سَحُوقٌ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ نَزَلَتْ الْمَلَائِكَةُ بِحَنُوطِهِ وَكَفَنِهِ مِنْ الْجَنَّةِ» فَلَمَّا مَاتَ غَسَّلُوهُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ ثَلَاثًا وَجَعَلُوا فِي الثَّالِثَةِ كَافُورًا، وَكَفَّنُوهُ فِي وِتْرٍ مِنْ الثِّيَابِ، وَحَفَرُوا لَهُ لَحْدًا وَصَلَّوْا عَلَيْهِ وَقَالُوا: هَذِهِ سُنَّةُ وَلَدِ آدَمَ مِنْ بَعْدِهِ وَسَكَتَ عَنْهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ الْحَسَنُ عَنْ عَتِيِّ بْنِ ضَمْرَةَ السَّعْدِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا نَحْوُهُ، وَفِيهِ قَالُوا «يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ فَكَذَاكُمْ فَافْعَلُوا» وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ؛ لِأَنَّ عَتِيَّ بْنَ ضَمْرَةَ لَيْسَ لَهُ رَاوٍ غَيْرُ الْحَسَنِ.

وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الَّذِي وَقَصَتْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>