للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ) عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ)

(وَمَنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ ثُمَّ أُقِيمَتْ يُصَلِّي أُخْرَى) صِيَانَةً لِلْمُؤَدَّى عَنْ الْبُطْلَانِ (ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْقَوْمِ) إحْرَازًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ

لِلْجَمَاعَاتِ كَالتَّسْبِيحَاتِ

(قَوْلُهُ عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّهُ نَفْلٌ مِنْ وَجْهٍ، وَالْجَمَاعَةُ فِي النَّفْلِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ مَكْرُوهٌ فَالِاحْتِيَاطُ تَرْكُهَا فِيهِ. وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ صَلَّاهَا بِجَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَعَدَمُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا فِي غَيْرِ رَمَضَانَ لَيْسَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى وَقْتٍ تَتَعَذَّرُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا قَدَحَ فِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ ثُمَّ يُعَدُّ عَدَمُ كَرَاهَةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْوِتْرِ فِي رَمَضَانَ اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ.

فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَتْ الْجَمَاعَةُ كَانَتْ أَفْضَلَ، وَفِي النِّهَايَةِ بَعْدَ حِكَايَةِ هَذَا قَالَ: وَاخْتَارَ عُلَمَاؤُنَا أَنْ يُوتِرَ فِي مَنْزِلِهِ لَا بِجَمَاعَةٍ، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى الْوِتْرِ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ كَمَا اجْتَمَعُوا عَلَى التَّرَاوِيحِ، لِأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِيهِ فِي رَمَضَانَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ كَانَ لَا يَؤُمُّهُمْ اهـ.

وَحَاصِلُ هَذَا اخْتِلَافٌ فِعْلِيٌّ وَأَنْتَ عَلِمْت مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ حِبَّانَ فِي بَابِ الْوِتْرِ أَنَّهُ كَانَ أَوْتَرَ بِهِمْ ثُمَّ بَيَّنَ الْعُذْرَ فِي تَأْخِيرِهِ عَنْ مِثْلِ مَا صَنَعَ فِيمَا مَضَى، فَكَمَا أَنَّ فِعْلَهُ الْجَمَاعَةَ بِالنَّفْلِ ثُمَّ بَيَانَهُ الْعُذْرَ فِي تَرْكِهِ أَوْجَبَ سُنِّيَّتَهَا فِيهِ فَكَذَلِكَ الْوِتْرُ جَمَاعَةً لِأَنَّ الْجَارِيَ فِيهِ مِثْلُ الْجَارِي فِي النَّفْلِ بِعَيْنِهِ، وَكَذَا مَا نَقَلْنَاهُ مِنْ فِعْلِ الْخُلَفَاءِ يُفِيدُ ذَلِكَ، فَلَعَلَّ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْجَمَاعَةِ فِيهِ أَحَبَّ أَنْ يُصَلِّيَ آخِرَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ عُمَرُ: وَاَلَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ، وَعَلِمَ قَوْلَهُ " وَاجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا " فَأَخَّرَهُ لِذَلِكَ، وَالْجَمَاعَةُ فِيهِ إذْ ذَاكَ مُتَعَذِّرَةٌ فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ فِيهِ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ كَمَا يُعْطِيهِ إطْلَاقُ جَوَابِ هَؤُلَاءِ.

(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ)

حَقِيقَةُ هَذَا الْبَابِ مَسَائِلُ شَتَّى تَتَعَلَّقُ بِالْفَرَائِضِ فِي الْأَدَاءِ الْكَامِلِ وَكُلُّهُ مَسَائِلُ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ ثُمَّ أُقِيمَتْ) حَقِيقَةُ إقَامَةِ الشَّيْءِ فِعْلُهُ، وَهَذَا أَرَادَ لَا مَا إذَا شَرَعَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ الْإِمَامُ بَلْ يُتِمُّ رَكْعَتَيْنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>