بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِبَابُ إيقَاعِ الطَّلَاقِ
(الطَّلَاقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: صَرِيحٌ، وَكِنَايَةٌ. فَالصَّرِيحُ قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقَةٌ وَطَلَّقْتُك فَهَذَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تُسْتَعْمَلُ فِي الطَّلَاقِ وَلَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ فَكَانَ صَرِيحًا
(بَابُ إيقَاعِ الطَّلَاقِ)
مَا تَقَدَّمَ كَانَ ذِكْرَ الطَّلَاقِ نَفْسِهِ وَأَقْسَامِهِ الْأَوَّلِيَّةِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ وَإِعْطَاءً لِبَعْضِ أَحْكَامِ تِلْكَ الْكُلِّيَّاتِ، وَهَذَا الْبَابُ لِبَيَانِ أَحْكَامِ جُزْئِيَّاتٍ لِتِلْكَ الْكُلِّيَّاتِ، فَإِنَّ الْمُورَدَ فِيهِ خُصُوصُ أَلْفَاظٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقَةٌ وَطَلَاقٌ لِإِعْطَاءِ أَحْكَامِهَا هَكَذَا أَوْ مُضَافَةٌ إلَى بَعْضِ الْمَرْأَةِ وَإِعْطَاءُ حُكْمِ الْكُلِّيِّ وَتَصْوِيرُهُ قَبْلَ الْجُزْئِيِّ مُنْزَلٌ مَنْزِلَةَ تَفْصِيلٍ يُعْقِبُ إجْمَالًا، فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ مَا بِهِ الْإِيقَاعُ وَالْوُقُوعُ، لَا أَنَّهُ أَرَادَ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيَّ الَّذِي لَا تَحَقُّقَ لَهُ خَارِجًا (قَوْلُهُ فَالصَّرِيحُ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) ظَاهِرُ الْحَمْلِ يُفِيدُ أَنْ لَا صَرِيحَ سِوَى ذَلِكَ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، فَسَيَذْكُرُ مِنْهُ التَّطْلِيقَ بِالْمَصْدَرِ، وَلَفْظُ الْكَنْزِ: كَأَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقَةٌ وَطَلَّقْتُك أَحْسَنُ لِإِشْعَارِ الْكَافِ بِعَدَمِ الْحَصْرِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ ضَبْطُ الصَّرِيحِ بِأَنَّهُ مَا اجْتَمَعَ بِهِ (طَ لَ قَ) بِصِيغَةِ التَّفْصِيلِ لَا الْأَفْعَالِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْوُقُوعُ بِالْمَصْدَرِ لِتَأَوُّلِهِ بِطَالِقٍ.
(قَوْلُهُ فَكَانَ صَرِيحًا) فَإِنَّ مَا غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنًى بِحَيْثُ يَتَبَادَرُ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا صَرِيحٌ، فَإِنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي غَيْرِهِ فَأَوْلَى بِالصَّرَاحَةِ فَلِذَا رَتَّبَ الصَّرَاحَةَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِقَوْلِهِ فَكَانَ صَرِيحًا عَلَى الِاسْتِعْمَالِ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ دُونَ غَيْرِهِ، إلَّا أَنَّ فِي قَوْلِهِ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ افْتِقَارِهَا إلَى النِّيَّةِ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ تَدَافُعًا لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute