للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالسُّكْنَى)

ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَكَذَلِكَ قَالَ مُوسَى ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا﴾ وَلَمْ يَصْبِرْ وَلَمْ يُعَدَّ مُخْلِفًا لِوَعْدِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَتَغَيَّرُ بِذِكْرِهِ حُكْمٌ، وَلِلْجُمْهُورِ قَوْلُهُ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ: التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى: أَعْنِي إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَخْرُجُ الْيَوْمَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ عَلَّقَ خُرُوجَهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا خَرَجَ لَا يَحْنَثُ، فَإِنَّ الْمَعْنَى إنْ شَاءَ اللَّهُ عَدَمَ الْخُرُوجِ لَا أَخْرُجُ فَإِذَا خَرَجَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَشَأْ عَدَمَ الْخُرُوجِ، وَهَذَا يَنْتَهِضُ عَلَى مَالِكٍ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا فِي الطَّلَاقِ فَالْكَلَامُ مَعَهُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى عُسْرٌ. فَإِنَّهُ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالْمَشِيئَةِ هُوَ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ شَاءَ اللَّهُ قَوْلَهُ.

وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ هُوَ الْمُوجِبُ لِلْقَطْعِ بِشَرْطِهِ فَلَا يُمْكِنُ إعْدَامُهُ، فَلَوْ جَعَلَ مَصْرُوفًا إلَى الْوُقُوعِ عَلَى مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَ طَلَاقِك فَخِلَافُ اللَّفْظِ، ثُمَّ لَا يُجْدِي لِأَنَّهُ قَدْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَ طَلَاقِهَا إذْ قَدْ شَاءَ تَلَفُّظَهُ بِأَنْتِ طَالِقٌ غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِشَرْطٍ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالْمَشِيئَةِ إنْ كَانَ لَفْظَ أَنْتِ طَالِقٌ فَقَدْ شَاءَ حَيْثُ وُجِدَ فَيُوجَدُ حُكْمُهُ أَوْ نَفْسُ الْوُقُوعِ فَقَدْ شَاءَهُ حَيْثُ شَاءَ عِلَّتَهُ وَهُوَ تَلَفُّظُهُ.

وَمَا فِي الطَّلَاقِ تَقَدَّمَ تَضْعِيفُهُ، وَهَذَا مَا وَعُدْنَاهُ فِي الطَّلَاقِ، ثُمَّ شَرْطُ عَمَلِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِبْطَالِ الِاتِّصَالُ، وَمَا انْقَطَعَ بِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ وَنَحْوِهِ لَا يَضُرُّ. .

(بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالسُّكْنَى)

أَرَادَ بَيَانَ الْأَفْعَالِ الَّتِي يُحْلَفُ عَلَيْهَا فِعْلًا فِعْلًا فَبَدَأَ بِفِعْلِ السُّكْنَى لِأَنَّ أَوَّلَ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْإِنْسَانُ أَنْ يَحُلَّ مَكَانًا ثُمَّ يَفْعَلَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ اللُّبْسِ وَالْأَكْلِ وَغَيْرِهِ، وَكُلٌّ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>