للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا تَبَدَّلَتْ انْتَفَتْ الشُّبْهَةُ النَّاشِئَةُ مِنْ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ، وَالْقَطْعُ فِيهِ فَوَجَبَ الْقَطْعُ ثَانِيًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ وَالْأَخْذِ مِنْهُ

(وَمَنْ سَرَقَ مِنْ أَبَوَيْهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ لَمْ يُقْطَعْ) فَالْأَوَّلُ وَهُوَ الْوِلَادُ لِلْبُسُوطَةِ فِي الْمَالِ وَفِي

وَإِذَا تَبَدَّلَتْ الْعَيْنُ انْتَفَتْ الشُّبْهَةُ النَّاشِئَةُ مِنْ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ وَالْقَطْعِ) وَهُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى لَفْظِ اتِّحَادِ لَا عَلَى لَفْظِ الْمَحَلِّ: أَيْ وَانْتَفَتْ الشُّبْهَةُ النَّاشِئَةُ مِنْ الْقَطْعِ لَا مِنْ اتِّحَادِ الْقَطْعِ وَهِيَ شُبْهَةُ قِيَامِ سُقُوطِ الْعِصْمَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ بِاعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْعَيْنِ وَالتَّغَيُّرُ يُوجِبُهَا شَيْئًا آخَرَ. فَإِنْ قِيلَ: الْعَيْنُ قَائِمَةٌ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا تَبَدَّلَ الِاسْمُ وَالصُّورَةُ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُتَمَكِّنَ قَبْلَ تَبَدُّلِ الصُّورَةِ شُبْهَةُ سُقُوطِ الْعِصْمَةِ فَكَانَ الْمُتَمَكِّنُ بَعْدَهُ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ. وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: وَإِذَا سَرَقَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَقُطِعَ بِهِ وَرَدَّهُ فَجَعَلَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ آنِيَةً أَوْ كَانَتْ آنِيَةً فَضَرَبَهَا دَرَاهِمَ ثُمَّ عَادَ السَّارِقُ فَسَرَقَهُ لَا يُقْطَعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَمْ تَتَغَيَّرْ عِنْدَهُ، وَقَالَا: يُقْطَعُ لِأَنَّهَا تَغَيَّرَتْ. وَفِي كِفَايَةِ الْبَيْهَقِيّ: سَرَقَ ثَوْبًا فَخَاطَهُ ثُمَّ رَدَّهُ فَنُقِضَ فَسَرَقَ الْمَنْقُوضَ لَا يُقْطَعُ، لِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ حَقُّ الْمَالِكِ لَوْ فَعَلَهُ الْغَاصِبُ فَلَمْ يَصِرْ فِي حُكْمِ عَيْنٍ أُخْرَى. .

(فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ وَالْأَخْذِ مِنْهُ)

قَدَّمَ بَيَانَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَاتِ الْمَسْرُوقِ وَهُوَ مَا يُقْطَعُ فِيهِ وَمَا لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ كَلَامٌ فِي ذَاتِهِ، ثُمَّ ثَنَّى بِحِرْزِهِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْهُ، ثُمَّ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْحِرْزِ شَرْطٌ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَعَنْ عَائِشَةَ وَالْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّ مَنْ جَمَعَ الْمَالَ فِي الْحِرْزِ قُطِعَ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ. وَعَنْ الْحَسَنِ مِثْلُ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ. وَعَنْ دَاوُد لَا يُعْتَبَرُ الْحِرْزُ أَصْلًا. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ غَيْرُ ثَابِتَةٍ عَمَّنْ نُقِلَتْ عَنْهُ، وَلَا مَقَالَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا مَا ذَكَرْنَا فَهُوَ كَالْإِجْمَاعِ، قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَدْ ثَبَتَ أَنْ لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِجَنِّ، وَلَا قَطْعَ فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ فَتَخَصَّصَتْ الْآيَةُ بِهِ فَجَازَ تَخْصِيصُهَا بَعْدَهُ بِمَا هُوَ مِنْ الْأُمُورِ الْإِجْمَاعِيَّةِ وَمَا بِأَخْبَارِ الْآحَادِ، وَسَيَأْتِي مَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ.

ثُمَّ الْحِرْزُ مَا عُدَّ عُرْفًا حِرْزًا لِلْأَشْيَاءِ لِأَنَّ اعْتِبَارَهُ ثَبَتَ شَرْعًا مِنْ غَيْرِ تَنْصِيصٍ عَلَى بَيَانِهِ، فَيُعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ رُدَّ إلَى عُرْفِ النَّاسِ فِيهِ وَالْعُرْفُ يَتَفَاوَتُ وَقَدْ يَتَحَقَّقُ فِيهِ اخْتِلَافٌ لِذَلِكَ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُحَرَّزُ فِيهِ الشَّيْءُ، وَكَذَا هُوَ فِي الشَّرْعِ إلَّا أَنَّهُ بِقَيْدِ الْمَالِيَّةِ: أَيْ الْمَكَانُ الَّذِي يُحَرَّزُ فِيهِ الْمَالُ كَالدَّارِ وَالْحَانُوتِ وَالْخَيْمَةِ وَالشَّخْصِ نَفْسِهِ، وَالْمُحَرَّزُ مَا لَا يُعَدُّ صَاحِبُهُ مُضَيِّعًا

(قَوْلُهُ وَمَنْ سَرَقَ مِنْ أَبَوَيْهِ) وَإِنْ عَلَيَا (أَوْ وَلَدِهِ) وَإِنْ سَفَلَ (أَوْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ) كَالْأَخِ وَالْأُخْتِ وَالْعَمِّ وَالْخَالِ وَالْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ (لَا يُقْطَعُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>