لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ اللُّقَطَةِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ عَلَى الْغَانِمِينَ، وَإِنْ كَانُوا انْتَفَعُوا بِهِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ تُرَدُّ قِيمَتُهُ إلَى الْمَغْنَمِ إنْ كَانَ لَمْ يُقَسَّمْ، وَإِنْ قُسِّمَتْ الْغَنِيمَةُ فَالْغَنِيُّ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ وَالْفَقِيرُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِقِيَامِ مَقَامِ الْأَصْلِ فَأَخَذَ حُكْمَهُ. .
(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ)
قَالَ (وَيُقَسِّمُ الْإِمَامُ الْغَنِيمَةَ فَيُخْرِجُ خُمُسَهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ اسْتَثْنَى الْخُمُسَ (وَيُقَسِّمُ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ) «لِأَنَّهُ ﵊ قَسَّمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ»
الِاثْنَانِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَخَذَ شَيْئًا فَأَخْرَجَهُ يَخْتَصُّ بِهِ. قُلْنَا: مَالٌ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَانِمِينَ، وَالِاخْتِصَاصُ كَانَ لِلْحَاجَةِ وَقَدْ زَالَتْ، بِخِلَافِ الْمُتَلَصِّصِ لِأَنَّهُ دَائِمًا أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ وَبَعْدَهُ، وَأَمَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَيَتَصَدَّقُونَ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانُوا بَاعُوهُ.
هَذَا إنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، وَإِنْ كَانُوا مَحَاوِيجَ فُقَرَاءَ انْتَفَعُوا بِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا (لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ اللُّقَطَةِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ عَلَى الْغَانِمِينَ) لِتَفَرُّقِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا تَصَرَّفُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَعَلَى هَذَا قِيمَةُ مَا اُنْتُفِعَ بِهِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ يَتَصَدَّقُ بِهَا الْغَنِيُّ لَا الْفَقِيرُ (لِقِيَامِ الْقِيمَةِ مَقَامَ الْأَصْلِ) وَأَخْذِهَا حُكْمَهُ.
قِيلَ لَمَّا بَيَّنَ أَحْكَامَ الْغَنِيمَةِ شَرَعَ يُبَيِّنُ قِسْمَتَهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ أَحْكَامِ الْغَنِيمَةِ وُجُوبَ قِسْمَتِهَا، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ بِفَصْلٍ عَلَى حِدَتِهِ لِكَثْرَةِ مَبَاحِثِهِ وَشُعَبِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ.
وَالْقِسْمَةُ جَعْلُ النَّصِيبِ الشَّائِعِ مَحَلًّا مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ وَيَقْسِمُ الْإِمَامُ الْغَنِيمَةَ فَيُخْرِجُ خُمُسَهَا) أَيْ عَنْ الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ (وَيَقْسِمُ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ) هَذَا قَوْلُ الْقُدُورِيِّ.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ اسْتَثْنَى الْخُمُسَ أَيْ اللَّهُ تَعَالَى أَخْرَجَ الْخُمُسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute