للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

(وَإِذَا أَرَادَتْ الْمُطَلَّقَةُ أَنْ تَخْرُجَ بِوَلَدِهَا مِنْ الْمِصْرِ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْأَبِ (إلَّا أَنْ تَخْرُجَ بِهِ إلَى وَطَنِهَا وَقَدْ كَانَ الزَّوْجُ تَزَوَّجَهَا فِيهِ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمَقَامَ فِيهِ عُرْفًا وَشَرْعًا، قَالَ «مَنْ تَأَهَّلَ

(فَصْلٌ)

إذَا ثَبَتَ حَقُّ الْحَضَانَةِ لِلْأُمِّ فَأَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ بِالْوَلَدِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَالنِّكَاحُ قَائِمٌ كَانَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا لِأَنَّ حَقَّ السُّكْنَى لَهُ بَعْدَ إيفَاءِ مُعَجَّلِ الْمَهْرِ خُصُوصًا بَعْدَمَا خَرَجَتْ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَتْ بَائِنَةً وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا يَخْلُو مِنْ كَوْنِ الْبَلْدَةِ الَّتِي تُرِيدُ الْخُرُوجَ إلَيْهَا بَلَدَهَا وَقَدْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِيهَا أَوَّلًا، فَفِي الْأَوَّلِ لَيْسَ لِلْأَبِ مَنْعُهَا وَإِنْ بَعُدَتْ كَالْكُوفَةِ مِنْ الشَّامِّ إلَّا أَنْ تَكُونَ دَارَ حَرْبٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ حَرْبِيَّةً، وَلَوْ كَانَ كِلَاهُمَا مُسْتَأْمَنًا جَازَ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا عَقَدَ النِّكَاحَ بِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقِيمُ بِهِ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ وَجَبَ عَلَيْهَا الْمُتَابَعَةُ أَوْ تَابَعَتْهُ بِلَا وُجُوبٍ. وَإِذَا زَالَتْ الزَّوْجِيَّةُ لَمْ تَجِبْ الْمُتَابَعَةُ فَيَعُودُ الْأَمْرُ إلَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَتْ الْأَوْلَادُ غَيْبًا بِأَنْ تَزَوَّجَهَا مَثَلًا بِالْبَصْرَةِ فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا فَخَرَجَ بِهِمْ إلَى الْكُوفَةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَخَاصَمَتْهُ فِيهِمْ لِيَرُدَّهُمْ إلَيْهَا، فَإِنْ أَخْرَجَهُمْ بِإِذْنِهَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَجِيءَ بِهِمْ إلَيْهَا وَيُقَالُ لَهَا اذْهَبِي إلَيْهِمْ فَخُذِيهِمْ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَجِيءَ بِهِمْ إلَيْهَا. وَفِي الثَّانِي لَهُ مَنْعُهَا سَوَاءٌ كَانَ مِصْرَهَا وَلَمْ يَعْقِدْ فِيهِ أَوْ عَقَدَ فِيهِ وَلَيْسَ مِصْرَهَا عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ إلَّا أَنْ تَخْرُجَ إلَى مِصْرٍ قَرِيبٍ، بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَ الْأَبُ لِمُطَالَعَةِ الْوَلَدِ أَمْكَنَهُ أَنْ يَبِيتَ فِي أَهْلِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ كَذَلِكَ وَكَانَ الْعَقْدُ فِي قَرْيَةٍ لِأَنَّهُ كَالِانْتِقَالِ مِنْ حَارَةٍ إلَى حَارَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ فِي قَرْيَةٍ بَلْ مِصْرٍ فَلَيْسَ لَهَا إخْرَاجُهُ إلَى الْقَرْيَةِ الْقَرِيبَةِ، هَذَا فِيمَا بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ. أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ مَاتَتْ وَصَارَتْ الْحَضَانَةُ لِلْجَدَّةِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ بِالْوَلَدِ إلَى مِصْرِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ، وَكَذَا أُمُّ الْوَلَدِ إذَا أُعْتِقَتْ لَا تُخْرِجُ الْوَلَدَ مِنْ الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ الْغُلَامُ لِأَنَّهُ لَا عَقْدَ بَيْنَ الْأَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ. وَلِنَتَكَلَّمْ عَلَى فُصُولِ الْكِتَابِ.

(قَوْلُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ )

<<  <  ج: ص:  >  >>