. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ «أَنَّهُ أَسْلَمَ وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَجَاءَا بِابْنٍ لَهُمَا صَغِيرٍ لَمْ يَبْلُغْ فَأَجْلَسَ النَّبِيُّ ﷺ الْأَبَ هُنَا وَالْأُمَّ هُنَا ثُمَّ خَيَّرَهُ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِهِ، فَذَهَبَ إلَى أَبِيهِ» وَفِي لَفْظٍ آخَرَ «أَنَّهُ أَسْلَمَ وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ ابْنَتِي وَهِيَ فَطِيمٌ، وَقَالَ رَافِعٌ ابْنَتِي، فَأَقْعَدَ النَّبِيُّ ﷺ الْأُمَّ نَاحِيَةً وَالْأَبَ نَاحِيَةً وَأَقْعَدَ الصَّبِيَّةَ نَاحِيَةً وَقَالَ لَهُمَا اُدْعُوَاهَا، فَمَالَتْ الصَّبِيَّةُ إلَى أُمِّهَا، فَقَالَ ﷺ: اللَّهُمَّ اهْدِهَا فَمَالَتْ إلَى أَبِيهَا فَأَخَذَهَا» وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَسَمَّى الْبِنْتَ عُمَيْرَةَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ ﵁: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلَمَةَ «أَنَّ أَبَوَيْنِ اخْتَصَمَا فِي وَلَدٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَحَدُهُمَا كَافِرٌ، فَخَيَّرَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَتَوَجَّهَ إلَى الْكَافِرِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِهِ، فَتَوَجَّهَ إلَى الْمُسْلِمِ فَقَضَى لَهُ بِهِ» قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ: اُخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ غُلَامٌ أَوْ جَارِيَةٌ وَلَعَلَّهُمَا قَضِيَّتَانِ. قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ أَبَوَيْهِ اخْتَصَمَا فِيهِ.
رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ، وَقَالَ: فِيهِ عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ سَلَمَةَ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِأَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ سَلَمَةَ وَأَبَاهُ وَجَدَّهُ لَا يَعْرِفُونَ، وَلَوْ صَحَّتْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ خِلَافًا لِرِوَايَةِ أَصْحَابِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ فَإِنَّهُمْ ثِقَاتٌ، وَهُوَ وَأَبُوهُ ثِقَتَانِ وَجَدُّهُ رَافِعُ بْنُ سِنَانٍ مَعْرُوفٌ، وَأَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ جَدُّ أَبِيهِ، قَالَ: فَإِنَّهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ سِنَانٍ، وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّهُ إذَا اخْتَارَ مَنْ اخْتَارَهُ الشَّرْعُ دَفَعَ لَهُ، لَكِنَّ الْوُقُوفَ عَلَى ذَلِكَ مُتَعَذَّرٌ بِتَخْيِيرِ غَيْرِهِ ﷺ مَعَ دُعَائِهِ فَيَجِبُ بَعْدَهُ ﷺ اعْتِبَارُ مَظِنَّةِ الْأَنْظَرِيَّةِ وَهُوَ فِيمَا قُلْنَا.
ثَانِيهِمَا: أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا بِدَلِيلِ الِاسْتِقَاءِ مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ وَمَنْ دُونَ الْبُلُوغِ لَا يُرْسَلُ إلَى الْآبَارِ لِلِاسْتِقَاءِ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ السُّقُوطِ فِيهِ لِقِلَّةِ عَقْلِهِ وَعَجْزِهِ عَنْهُ غَالِبًا، وَنَحْنُ نَقُولُ: إذَا بَلَغَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالسُّكْنَى وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَيِّهِمَا أَرَادَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ سَفِيهًا مُفْسِدًا فَحِينَئِذٍ يَضُمُّهُ إلَى نَفْسِهِ اعْتِبَارًا لِنَفْسِهِ بِمَالِهِ، وَلَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَى الْأَبِ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ.
أَمَّا الْجَارِيَةُ فَإِنْ بَلَغَتْ بِكْرًا ضَمَّهَا إلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ بَلَغَتْ ثَيِّبًا فَلَهَا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالسُّكْنَى إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ عَلَى نَفْسِهَا لَا يَوْثُقُ بِهَا فَلِلْأَبِ أَنْ يَضُمَّهَا إلَيْهِ، وَكَذَا الْأَخُ، وَلِلْعَمِّ الضَّمُّ إذَا لَمْ يَكُنْ مُفْسِدًا، وَإِنْ كَانَ فَحِينَئِذٍ يَضَعُهَا الْقَاضِي عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ، وَلِهَذَا صَحَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ ﵃ لَمْ يُخَيِّرُوا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قِصَّةِ عُمَرَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ خَيَّرَ ابْنًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَاخْتَارَ أُمَّهُ فَانْطَلَقَتْ بِهِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ عَرَفَ مَيْلَ الِابْنِ إلَى أُمِّهِ وَهِيَ فِي الْوَاقِعِ أَحَقُّ بِحَضَانَتِهِ فَأَحَبَّ تَطْيِيبَ قَلْبِ الْأَبِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ لِلشَّرْعِ فَخَيَّرَهُ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْ أَبَا بَكْرٍ الْكَلَامَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ عَدَمَ الْمُرَاجَعَةِ لَيْسَ دَلِيلًا لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ إمَامًا يَجِبُ نَفَاذُ مَا يَحْكُمُ بِهِ مِنْ رَأْيِهِ وَإِنْ خَالَفَ رَأْيَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، فَالْوَجْهُ مَا ذَكَرْنَا لِيُوَافِقَ الْمَرْوِيَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute