(وَإِنْ أَمَرَ الْقَاضِي الْوَصِيَّ بِبَيْعِهِ لِلْغُرَمَاءِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَوْ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَضَاعَ الْمَالُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَصِيِّ) لِأَنَّهُ عَاقِدٌ نِيَابَةً عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ بِإِقَامَةِ الْقَاضِي عَنْهُ فَصَارَ كَمَا إذَا بَاعَهُ بِنَفْسِهِ.
قَالَ (وَرَجَعَ الْوَصِيُّ عَلَى الْغُرَمَاءِ) لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُمْ، وَإِنْ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ يَرْجِعُ الْغَرِيمُ فِيهِ بِدَيْنِهِ. قَالُوا: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَرْجِعُ بِالْمِائَةِ الَّتِي غَرِمَهَا أَيْضًا لِأَنَّهُ لَحِقَهُ فِي أَمْرِ الْمَيِّتِ، وَالْوَارِثُ إذَا بِيعَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَرِيمِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ كَانَ الْعَاقِدُ عَامِلًا لَهُ.
فَصْلٌ آخَرُ.
عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَكَّلَهُ رَجُلٌ بِبَيْعِ مَالِهِ جَازَ الْعَقْدُ بِمُبَاشَرَتِهِمَا، وَلَا تَتَعَلَّقُ الْحُقُوقُ بِهِمَا بَلْ بِمُوَكَّلِهِمَا لِأَنَّ الْتِزَامَ الْعُهْدَةِ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا لِقُصُورِ الْأَهْلِيَّةِ فِي الصَّبِيِّ وَحَقُّ السَّيِّدِ فِي الْعَبْدِ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ تَعَلُّقُ الْحُقُوقِ بِالْعَاقِدِ تَتَعَلَّقُ بِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْعَقْدِ، وَأَقْرَبُ النَّاسِ فِي مَسْأَلَتِنَا مَنْ يَنْتَفِعُ بِهَذَا الْعَقْدِ وَهُوَ الْغَرِيمُ؛ أَلَا يَرَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَأْمُرُ الْوَصِيَّ أَوْ أَمِينَهُ بِالْبَيْعِ حَتَّى يَطْلُبَ الْغَرِيمُ فَلِذَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ (وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ الْوَصِيَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ عَاقِدٌ نِيَابَةً عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ بِإِقَامَةِ الْقَاضِي إيَّاهُ عَنْهُ ثُمَّ الْوَصِيُّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَرِيمِ) وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ الْعَبْدَ لِنَفَقَةِ الْوَارِثِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْوَصِيِّ وَالْوَصِيَّ يَرْجِعُ عَلَى الْوَارِثِ لِمَا قُلْنَا إنَّ الْبَيْعَ لِأَجَلِهِ وَهُوَ الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ، فَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ صَغِيرًا نَصَبَ الْقَاضِي عَنْهُ مَنْ يَقْضِي دَيْنَهُ (فَلَوْ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ يَرْجِعُ الْغَرِيمُ فِيهِ بِدَيْنِهِ): بِلَا شَكٍّ وَهَلْ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (قَالُوا وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَرْجِعُ بِالْمِائَةِ الَّتِي غَرِمَهَا أَيْضًا) يُرِيدُ بِالْمِائَةِ مَا ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي فَرْضُهَا مِائَةٌ (لِأَنَّهُ لَحِقَهُ) ذَلِكَ (فِي أَمْرِ الْمَيِّتِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا بِالِاتِّفَاقِ: أَعْنِي جَوَازَ أَنْ يُقَالَ: وَأَمَّا الْوَاقِعُ مِنْ الْقَوْلِ بِالرُّجُوعِ بِمَا ضَمِنَ فَفِيهِ خِلَافٌ. قِيلَ نَعَمْ، وَقَالَ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: لَا يَأْخُذُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْجَوَابِ لِأَنَّ الْغَرِيمَ إنَّمَا ضَمِنَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى غَيْرِهِ. وَفِي الْكَافِي: الْأَصَحُّ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ قَضَى ذَلِكَ وَهُوَ مُضْطَرٌّ فِيهِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي التَّصْحِيحِ كَمَا سَمِعْت.
(فَصْلٌ آخَرُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute