للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

(وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا فِي رَمَضَانَ فَخَافَ إنْ صَامَ ازْدَادَ مَرَضُهُ أَفْطَرَ وَقَضَى) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا يُفْطِرُ،

وَمَنْ صَامَ شَعْبَانَ وَوَصَلَهُ بِرَمَضَانَ فَحَسَنٌ. وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ أَيَّامِ الْبِيضِ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ مَا لَمْ يُظَنَّ إلْحَاقُهُ بِالْوَاجِبِ، وَكَذَا صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ يَوْمًا وَبَعْدَهُ يَوْمًا. فَإِنْ أَفْرَدَهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلتَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ، وَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِغَيْرِ الْحَاجِّ مُسْتَحَبٌّ.

وَالْحَاجُّ إنْ كَانَ يُضْعِفُهُ عَنْ الْوُقُوفِ وَالدَّعَوَاتِ فَالْمُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ، وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ لِأَنَّهُ لِإِخْلَالِهِ بِالْأَهَمِّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُسِيءَ خُلُقَهُ فَيُوقِعَهُ فِي مَحْظُورٍ، وَكَذَا صَوْمُ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، لِأَنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ أَدَاءِ أَفْعَالِ الْحَجِّ، وَسَيَأْتِي صَوْمُ الْمُسَافِرِ. وَيُكْرَهُ صَوْمُ الصَّمْتِ وَهُوَ أَنْ يَصُومَ وَلَا يَتَكَلَّمَ يَعْنِي يَلْتَزِمُ عَدَمَ الْكَلَامِ. بَلْ يَتَكَلَّمُ بِخَيْرٍ وَلِحَاجَتِهِ إنْ عَنَّتْ، وَيُكْرَهُ صَوْمُ الْوِصَالِ وَلَوْ يَوْمَيْنِ، وَيُكْرَهُ صَوْمُ الدَّهْرِ لِأَنَّهُ يُضْعِفُهُ أَوْ يَصِيرُ طَبْعًا لَهُ. وَمَبْنَى الْعِبَادَةِ عَلَى مُخَالَفَةِ الْعَادَةِ، وَلَا يَحِلُّ صَوْمُ يَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُد «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا» وَلَا بَأْسَ بِصَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُنْفَرِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَلَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ التَّطَوُّعَ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا، وَلَهُ أَنْ يُفَطِّرَهَا، وَكَذَا الْمَمْلُوكُ بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّيِّدِ إلَّا إذَا كَانَ غَائِبًا، وَلَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ فَإِنَّ ضَرَرَهُ ضَرَرٌ بِالسَّيِّدِ فِي مَالِهِ، وَكُلُّ صَوْمٍ وَجَبَ عَلَى الْمَمْلُوكِ بِسَبَبٍ بَاشَرَهُ كَالْمَنْذُورِ وَصِيَامَاتِ الْكَفَّارَاتِ كَالنَّفْلِ إلَّا كَفَّارَةَ الظِّهَارِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حَقِّ الزَّوْجَةِ كَمَا سَتَعْلَمُ فِي الظِّهَارِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(فَصْلٌ) هَذَا الْفَصْلُ فِي الْعَوَارِضِ وَهِيَ حَرِيَّةٌ بِالتَّأْخِيرِ. الْأَعْذَارُ الْمُبِيحَةُ لِلْفِطْرِ: الْمَرَضُ. وَالسَّفَرُ، وَالْحَبَلُ، وَالرَّضَاعُ إذَا أَضَرَّ بِهَا أَوْ بِوَلَدِهَا، وَالْكِبَرُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ. وَالْعَطَشُ الشَّدِيدُ وَالْجُوعُ كَذَلِكَ إذَا خِيفَ مِنْهُمَا الْهَلَاكُ، أَوْ نُقْصَانُ الْعَقْلِ، كَالْأَمَةِ إذَا ضَعُفَتْ عَنْ الْعَمَلِ وَخَشِيَتْ الْهَلَاكَ بِالصَّوْمِ، وَكَذَا الَّذِي ذَهَبَ بِهِ مُتَوَكِّلُ السُّلْطَانِ إلَى الْعِمَارَةِ فِي الْأَيَّامِ الْحَارَّةِ، وَالْعَمَلُ الْحَثِيثُ إذَا خُشِيَ الْهَلَاكُ أَوْ نُقْصَانُ الْعَقْلِ. وَقَالُوا: الْغَازِي إذَا كَانَ يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ يُقَاتِلُ الْعَدُوَّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَيَخَافُ الضَّعْفَ إنْ لَمْ يُفْطِرْ، يُفْطِرُ قَبْلَ الْحَرْبِ مُسَافِرًا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>