للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

(وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنَا مِنْك طَالِقٌ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنْ نَوَى طَلَاقًا، وَلَوْ قَالَ: أَنَا مِنْك بَائِنٌ أَوْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ يَنْوِي الطَّلَاقَ فَهِيَ طَالِقٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَيْضًا إذَا نَوَى)

وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ الْعِدَّةِ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ ثُمَّ وَضَعَتْ حَمْلَهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا فَلَمْ تَجِبْ عِدَّةٌ لَا يَقَعُ لِعَدَمِ الْمَحِلِّ إذْ الْمُسْتَقْبَلُ يَثْبُتُ لِلْحَالِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَالْأَسْرَارِ. هَذَا عَلَى طَرِيقِ كَوْنِ الْحُكْمِ هُنَا يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقَدْ قِيلَ يَثْبُتُ عِنْدَهُ بِطَرِيقِ التَّبْيِينِ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي أَوْ قَبْلَ مَوْتِك بِشَهْرٍ عِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَتَرِثُ مِنْهُ لِامْتِنَاعِ وُقُوعِهِ مُقْتَصِرًا كَمَا هُوَ قَوْلُهُمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَعِنْدَهُ يَقَعُ مُسْتَنِدًا حَتَّى إذَا كَانَ صَحِيحًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا تَرِثُ مِنْهُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ثَلَاثُ حِيَضٍ. أَمَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ.

وَلَوْ قَالَ: آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ أَوْ آخِرُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ امْرَأَةً ثُمَّ مَاتَ أَوْ مَلَكَ عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ عِنْدَهُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْمِلْكِ وَالتَّزَوُّجِ، وَعِنْدَهُمَا مُقْتَصِرًا حَتَّى يُعْتَبَرَ الْعِتْقُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا كَانَ صَحِيحًا وَقْتَ الشِّرَاءِ. فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَمِنْ الثُّلُثِ وَفِي الزَّوْجَةِ الْأَخِيرَةِ تَطْلُقُ مِنْ حِينِ تَزَوَّجَهَا حَتَّى لَا تَلْزَمَهَا الْعِدَّةُ إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَلَا مِيرَاثَ لَهَا. وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ.

وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ الْقُدُومِ وَالْمَوْتِ أَنَّ الْمَوْتَ مُعَرَّفٌ وَالْجَزَاءُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمُعَرَّفِ، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ فِي الدَّارِ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَ مِنْهَا آخِرَ النَّهَارِ طَلُقَتْ مِنْ حِينِ تَكَلَّمَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَوْتَ فِي الِابْتِدَاءِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ قَبْلَ الشَّهْرِ فَلَا يُوجَدُ الْوَقْتُ أَصْلًا فَأَشْبَهَ سَائِرَ الشُّرُوطِ فِي احْتِمَالِ الْخَطَرِ، فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ فَقَدْ عَلِمْنَا بِوُجُودِ شَهْرٍ قَبْلَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ إلَّا أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ فِي الْحَالِ لِأَنَّا نَحْتَاجُ إلَى شَهْرٍ يَتَّصِلُ بِالْمَوْتِ وَأَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ وَالْمَوْتُ يُعْرَفُ، فَفَارَقَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الشَّرْطَ وَأَشْبَهَ الْوَقْتَ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ رَمَضَانَ بِشَهْرٍ فَقُلْنَا بِأَمْرٍ بَيْنَ الظُّهُورِ وَالِاقْتِصَارِ وَهُوَ الِاسْتِنَادُ، وَلَوْ قَالَ: قَبْلَ رَمَضَانَ بِشَهْرٍ وَقَعَ أَوَّلَ شَعْبَانَ اتِّفَاقًا، وَلَوْ قَالَ لَهُمَا: أَطْوَلُكُمَا حَيَاةً طَالِقٌ السَّاعَةَ لَمْ يَقَعْ حَتَّى تَمُوتَ إحْدَاهُمَا، فَإِذَا مَاتَتْ طَلُقَتْ الْأُخْرَى مُسْتَنِدًا عِنْدَهُ وَمُقْتَصِرًا عِنْدَهُمَا.

(فَصْلٌ). فِيهِ مُتَفَرِّقَاتٌ مِنْ الْإِيقَاعِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ جِهَةَ الْبَحْثِ فِي مَسَائِلِهِ بِعَارِضٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ: لِامْرَأَتِهِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنْ نَوَى طَلَاقَهَا وَلَوْ قَالَ: أَنَا مِنْك بَائِنٌ أَوْ عَلَيْك حَرَامٌ يَنْوِي الطَّلَاقَ فَهِيَ طَالِقٌ) وَبِقَوْلِنَا قَالَ أَحْمَدُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ: يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَيْضًا إذَا نَوَى لِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ: أَيْ الْمِلْكَ الَّذِي يُوجِبُهُ النِّكَاحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>