للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

الْقَابِضُ فِي أَنَّهُ أَخَذَهُ فِي حَالِ قَضَائِهِ أَوْ كَذَّبَهُ وَقَالَ بَلْ قَبْلَ التَّقْلِيدِ أَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ، عَلَّلَهُ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ فَقَالَ لِأَنَّ الشَّيْءَ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ فَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ، قَالُوا: مَعْنَاهُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمَّا أَقَرَّ بِالْأَخْذِ يَصِيرُ شَاهِدًا لِغَيْرِهِ بِالْكَلَامِ الثَّانِي، وَإِقْرَارُهُ بِالْأَخْذِ صَحِيحٌ وَشَهَادَتُهُ بِالْمِلْكِ لِغَيْرِهِ بَاطِلَةٌ، وَلِأَنَّ الْقَابِضَ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ حَيْثُ أَقَرَّ أَنَّ الْيَدَ كَانَتْ لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ التَّمَلُّكَ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَقَوْلُ الْمَعْزُولِ لَيْسَ بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَاهِدًا بِالدَّيْنِ بَلْ بِفِعْلِ نَفْسِهِ الْمُنَافِي لِلضَّمَانِ.

(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

يَتَبَادَرُ أَنَّ تَقْدِيمَهَا عَلَى الْقَضَاءِ أَوْلَى لِأَنَّ الْقَضَاءَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهَا، إذْ كَانَ ثُبُوتُ الْحَقِّ بِهَا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَضَاءُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الشَّهَادَةِ قَدَّمَهُ تَقْدِمَةً لِلْمَقْصُودِ عَلَى الْوَسِيلَةِ. وَالشَّهَادَةُ لُغَةً، إخْبَارٌ قَاطِعٌ، وَفِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ إخْبَارُ صِدْقٍ لِإِثْبَاتِ حَقٍّ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَتَخْرُجُ شَهَادَةُ الزُّورِ فَلَيْسَتْ شَهَادَةً.

وَقَوْلُ الْقَائِلِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي أَشْهَدُ بِرُؤْيَةِ كَذَا لِبَعْضِ الْعُرْفِيَّاتِ. وَسَبَبُ وُجُوبِهَا طَلَبُ ذِي الْحَقِّ أَوْ خَوْفُ فَوْتِ حَقِّهِ، فَإِنَّ مَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ لَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُ الْحَقِّ وَخَافَ فَوْتَ الْحَقِّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ بِلَا طَلَبٍ. وَشَرْطُهَا الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْوِلَايَةُ، فَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ لِلْحَاجَةِ إلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ الْإِسْلَامُ لِأَنَّ الدِّينَ أَصْلُ الشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ. وَرُكْنُهَا اللَّفْظُ الْخَاصُّ الَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقٌ لِلْإِخْبَارِ. وَحُكْمُهَا وُجُوبُ الْحُكْمِ عَلَى الْقَاضِي وَالْقِيَاسُ يَأْبَى جَوَازَهَا لَكِنَّهُ تُرِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ وَنَظَائِرُهُ مِنْ الْكِتَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>