بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ
قَالَ (وَإِذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ نَهَارًا نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يُفْطِرَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ لِوُجُودِ مَا يُضَادُّ الصَّوْمَ فَصَارَ كَالْكَلَامِ نَاسِيًا فِي الصَّلَاةِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ «قَوْلُهُ ﵊ لِلَّذِي أَكَلَ وَشَرِبَ نَاسِيًا تِمَّ عَلَى صَوْمِكَ فَإِنَّمَا أَطْعَمَكَ اللَّهُ وَسَقَاكَ»
بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ)
(قَوْلُهُ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ) إلَّا فِيمَا إذَا أَكَلَ نَاسِيًا فَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ صَائِمٌ فَلَمْ يَتَذَكَّرْ وَاسْتَمَرَّ ثُمَّ تَذَكَّرَ، فَإِنَّهُ يُفْطِرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ أُخْبِرَ بِأَنَّ الْأَكْلَ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ حُجَّةٌ فِي الدِّيَانَاتِ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَلْتَفِتَ إلَى تَأَمُّلِ الْحَالِ، وَقَالَ زُفَرُ وَالْحَسَنُ: لَا يُفْطِرُ لِأَنَّهُ نَاسٍ.
(قَوْلُهُ فَصَارَ كَالْكَلَامِ نَاسِيًا فِي الصَّلَاةِ) وَكَتَرْكِ النِّيَّةِ فِيهِ وَكَالْجِمَاعِ فِي الْإِحْرَامِ وَالِاعْتِكَافِ نَاسِيًا فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يَفْسُدُ مَعَ النِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ قَوْلُهُ ﵊ إلَخْ) فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» وَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّوْمِ اللُّغَوِيِّ فَيَكُونُ أَمْرًا بِالْإِمْسَاكِ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ كَالْحَائِضِ إذَا طَهُرَتْ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ، وَنَحْوُهُ مَدْفُوعٌ أَوَّلًا بِأَنَّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْمَفْهُومِ الشَّرْعِيِّ حَيْثُ أَمْكَنَ فِي لَفْظِ الشَّارِعِ وَاجِبٌ. فَإِنْ قِيلَ: يَجِبُ ذَلِكَ لِلدَّلِيلِ عَلَى الْبُطْلَانِ وَهُوَ الْقِيَاسُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
قُلْنَا: حَقِيقَةُ النَّصِّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ لَوْ تَمَّ فَكَيْفَ وَهُوَ لَا يَتِمُّ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبُطْلَانِ مَعَ النِّسْيَانِ فِيمَا لَهُ هَيْئَةٌ مُذَكِّرَةٌ الْبُطْلَانَ مَعَهُ فِيمَا لَا مُذَكِّرَ فِيهِ، وَهَيْئَةُ الْإِحْرَامِ وَالِاعْتِكَافِ وَالصَّلَاةِ مُذَكِّرَةٌ، فَإِنَّهَا تُخَالِفُ الْهَيْئَةَ الْعَادِيَّةَ وَلَا كَذَلِكَ الصَّوْمُ، وَالنِّسْيَانُ غَالِبٌ لِلْإِنْسَانِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ عُذْرِهِ بِالنِّسْيَانِ مَعَ تِلْكَ عَدَمُ عُذْرِهِ بِهِ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute