(إلَّا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ) لِأَنَّ فِيهِ إحْيَاءً لِوَلَدِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُتَدَارَكُ لِسُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي)
لَهُ إذَا قَذَفَهُ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ إذَا قَتَلَهُ، أَمَّا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ فَأَبَى عَنْ الْإِنْفَاقِ أَبًا كَانَ أَوْ أُمًّا أَوْ جَدًّا، لِأَنَّ فِي تَرْكِ الْإِنْفَاقِ سَعْيًا فِي هَلَاكِهِمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُحْبَسَ الْوَالِدُ لِقَصْدِهِ إلَى إهْلَاكِ الْوَلَدِ (وَلِأَنَّهُ لَا يُتَدَارَكُ لِسُقُوطِهَا) أَيْ لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ (بِمُضِيِّ الزَّمَانِ) بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ. وَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْعَبْدُ لَا يُحْبَسُ لِمَوْلَاهُ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَلَا الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ غَيْرِ الْمَدْيُونِ لِأَنَّ كَسْبَهُ لِمَوْلَاهُ فَكَيْفَ يُحْبَسُ لَهُ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ حُبِسَ لِأَنَّهُ لِلْغُرَمَاءِ فِي التَّحْقِيقِ، وَيُحْبَسُ مَوْلَى الْمُكَاتَبِ لِلْمُكَاتَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنُهُ مِنْ جِنْسٍ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ فِي الْجِنْسِ لَهُ حَقُّ أَخْذِهِ. فَإِذَا أَخَذَ يَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا وَفِي غَيْرِ جِنْسِهِ لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ. وَالْمُكَاتَبُ فِي أَكْسَابِهِ كَالْحُرِّ فَلَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ فَيُحْبَسُ لِمَطْلِهِ، أَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَا يُحْبَسُ بِدَيْنِ الْكِتَابَةِ لِمَوْلَاهُ لِأَنَّهُ بِالِامْتِنَاعِ لَا يَصِيرُ ظَالِمًا، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ غَيْرُ بَدَلِ الْكِتَابَةِ يُحْبَسُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فَسْخِ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَعَنْ بَعْضِ مَشَايِخِنَا هُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ إسْقَاطِهِ بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ فَيَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْهُ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ بَدَلَ الْكِتَابَةِ صِلَةٌ مِنْ وَجْهٍ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ.
هَذَا أَيْضًا مِنْ أَحْكَامِ الْقَضَاءِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْوُجُودِ إلَّا بِقَاضِيَيْنِ فَهُوَ كَالْمُرَكَّبِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَبْسِ، وَالْعَمَلُ بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى إخْبَارِهِ بِنَفْسِهِ، وَالْقَاضِي لَوْ أَخْبَرَ قَاضِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute