(فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ)
(وَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ، وَمَا اصْطَادَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ احْتَطَبَهُ فَهُوَ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ)، وَعَلَى هَذَا الِاشْتِرَاكُ فِي أَخْذِ كُلِّ شَيْءٍ مُبَاحٍ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ مُتَضَمِّنَةٌ مَعْنَى الْوَكَالَةِ، وَالتَّوْكِيلُ فِي أَخْذِ الْمَالِ الْمُبَاحِ بَاطِلٌ
فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ)
وَجْهُ تَقْدِيمِ الصَّحِيحَةِ عَلَى الْفَاسِدَةِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ) وَكَذَا الِاحْتِشَاشُ وَالتَّكَدِّي وَسُؤَالُ النَّاسِ (وَمَا اصْطَادَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ احْتَطَبَهُ) أَوْ أَصَابَهُ مِنْ التَّكَدِّي (فَهُوَ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ، وَعَلَى هَذَا الِاشْتِرَاكُ فِي كُلِّ مُبَاحٍ) كَأَخْذِ الْحَطَبِ وَالثِّمَارِ مِنْ الْجِبَالِ كَالْجَوْزِ وَالتِّينِ وَالْفُسْتُقِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا فِي نَقْلِ الطِّينِ وَبَيْعِهِ مِنْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَوْ الْحَصَى أَوْ الْمِلْحِ أَوْ الثَّلْجِ أَوْ الْكُحْلِ أَوْ الْمَعْدَنِ أَوْ الْكُنُوزِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يُلَبِّنَا مِنْ طِينٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ وَيَطْبُخَا آجُرًّا، وَلَوْ كَانَ الطِّينُ مَمْلُوكًا أَوْ سَهْلَةَ الزُّجَاجِ فَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا وَيَطْبُخَا وَيَبِيعَا جَازَ وَهُوَ شَرِكَةُ الصَّنَائِعِ، وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ كَالصَّبَّاغِينَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «اشْتَرَكْنَا أَنَا وَعَمَّارٌ وَسَعْدٌ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَمْ أَجِئْ أَنَا وَعَمَّارٌ بِشَيْءٍ، وَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ فَأَشْرَكَ بَيْنَهُمْ النَّبِيُّ ﷺ».
أُجِيبُ بِأَنَّ الْغَنِيمَةَ مَقْسُومَةٌ بَيْنَ الْغَانِمِينَ بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى. فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَشْتَرِكَ هَؤُلَاءِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا بِخُصُوصِهِمْ، وَفِعْلُهُ ﷺ إنَّمَا هُوَ تَنْفِيلٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ قَدَّرَ مَا يَخُصُّهُمْ، وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ غَنَائِمَ بَدْرٍ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute