(فَإِنْ تَرَكَهُمَا جَمِيعًا يُكْرَهُ) وَلَوْ اكْتَفَى بِالْإِقَامَةِ جَازَ لِأَنَّ الْأَذَانَ لِاسْتِحْضَارِ الْغَائِبِينَ وَالرُّفْقَةُ حَاضِرُونَ وَالْإِقَامَةُ لِإِعْلَامِ الِافْتِتَاحِ وَهُمْ إلَيْهِ مُحْتَاجُونَ (فَإِنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ فِي الْمِصْرِ يُصَلِّي بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ) لِيَكُونَ الْأَدَاءُ عَلَى هَيْئَةِ الْجَمَاعَةِ (وَإِنْ تَرَكَهُمَا جَازَ) لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁: أَذَانُ الْحَيِّ يَكْفِينَا.
مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ الَّذِينَ لَا يُرَى شَخْصُهُمْ فِي الْفَلَوَاتِ مِنْ الْعِبَادِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَكَهُمَا يُكْرَهُ) لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأَمْرِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، وَلِأَنَّ السَّفَرَ لَا يُسْقِطُ الْجَمَاعَةَ فَلَا يُسْقِطُ لَوَازِمَهَا الشَّرْعِيَّةَ: أَعْنِي دُعَاءَهُمْ، فَالتَّرْكُ لِلْكُلِّ حِينَئِذٍ تَرْكٌ لِلْجَمَاعَةِ صُورَةً وَتَشَبُّهًا إنْ كَانَ مُنْفَرِدًا، أَوْ تَرْكٌ لِمَجْمُوعِ لَوَازِمِهَا إنْ كَانَتْ بِجَمَاعَةٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، بِخِلَافِ تَارِكِهِمَا فِي بَيْتِهِ فِي الْمِصْرِ حَيْثُ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّ أَذَانَ الْمَحَلَّةِ وَإِقَامَتَهَا كَأَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ، لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ نَائِبُ أَهْلِ الْمِصْرِ كُلِّهِمْ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ حِينَ صَلَّى بِعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ حَيْثُ قَالَ أَذَانُ الْحَيِّ يَكْفِينَا، وَمِمَّنْ رَوَاهُ سِبْطُ بْنُ الْجَوْزِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ اكْتَفَى بِالْإِقَامَةِ جَازَ) لِمَا ثَبَتَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ سُقُوطِ الْأَذَانِ دُونَ الْإِقَامَةِ كَمَا بَعْدَ أُولَى الْفَوَائِتِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ وَثَانِيَةِ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ، صَرَّحَ ظَهِيرُ الدِّينِ فِي الْحَوَاشِي بِأَنَّ الْإِقَامَةَ آكَدُ مِنْ الْأَذَانِ نَقْلًا مِنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَهُمَا جَازَ) مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَذَكَرْنَا الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَرْكِ الْمُسَافِرِ لَهُمَا. وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْمٍ صَلَّوْا فِي الْمِصْرِ فِي مَنْزِلٍ وَاكْتَفَوْا بِأَذَانِ النَّاسِ أَجْزَأَهُمْ وَقَدْ أَسَاءُوا فَفَرَّقَ بَيْنَ الْفَذِّ وَالْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ. [فَرْعٌ]
الْإِمَامَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَذَانِ لِمُوَاظَبَتِهِ ﵊ عَلَيْهَا، وَكَذَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ بَعْدَهُ، وَقَوْلُ عُمَرَ ﵁: لَوْلَا الْخَلِيفِيُّ لَأَذَّنْتُ لَا يَسْتَلْزِمُ تَفْضِيلَهُ عَلَيْهَا، بَلْ مُرَادُهُ لَأَذَّنْتُ مَعَ الْإِمَامَةِ لَا مَعَ تَرْكِهَا فَيُفِيدُ أَنَّ الْأَفْضَلَ كَوْنُ الْإِمَامِ هُوَ الْمُؤَذِّنُ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَعَلَيْهِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ أَخْبَارِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمَسْئُولُ فِي إتْمَامِ السُّؤَالِ.
(بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَتَقَدَّمُهَا)
هَذَا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ، وَقِيلَ لِإِخْرَاجِ الشَّرْطِ الْعَقْلِيِّ كَالْحَيَاةِ لِلْأَلَمِ وَالْجَعْلِيِّ كَدُخُولِ الدَّارِ لِلطَّلَاقِ، وَقِيلَ لِإِخْرَاجِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute