للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِيَانَةَ الْوَلَدِ عَنْ الضَّيَاعِ، وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّهُ قَالَ لِلْغَامِدِيَّةِ بَعْدَمَا وَضَعَتْ ارْجِعِي حَتَّى يَسْتَغْنِيَ وَلَدُك» ثُمَّ الْحُبْلَى تُحْبَسُ إلَى أَنْ تَلِدَ إنْ كَانَ الْحَدُّ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ كَيْ لَا تَهْرُبَ، بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَنْهُ عَامِلٌ فَلَا يُفِيدُ الْحَبْسُ.

(بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ)

مِنْ نِفَاسِهَا فِي الْجَلْدِ، وَلَوْ أَطَالَتْ فِي التَّأْخِيرِ وَتَقُولُ لَمْ أَضَعْ بَعْدُ أَوْ شُهِدَ عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَا فَقَالَتْ أَنَا حُبْلَى تُرَى لِلنِّسَاءِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا، فَإِنْ قُلْنَ هِيَ حَامِلٌ أَجَّلَهَا حَوْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَلِدْ رَجَمَهَا (ثُمَّ الْحُبْلَى تُحْبَسُ إنْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ إلَى أَنْ تَلِدَ) وَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ لَا تُحْبَسُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ مَتَى شَاءَتْ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا وَلَدَتْ لَا تُحَدُّ حَتَّى تَفْطِمَ الْوَلَدَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يُرَبِّيهِ. وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْغَامِدِيَّةِ «أَنَّهُ رَدَّهَا حَتَّى يَسْتَغْنِيَ فَرَجَعَتْ ثُمَّ جَاءَتْ بِهِ وَفِي يَدِهِ كِسْرَةٌ وَقَالَتْ هَا قَدْ فَطَمْته» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ «اذْهَبِي حَتَّى تَضَعِي مَا فِي بَطْنِك، قَالَ: فَكَفَلَهَا رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ حَتَّى وَضَعَتْ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ فَقَالَ: قَدْ وَضَعَتْ الْغَامِدِيَّةُ، فَقَالَ: إذًا لَا نَرْجُمُهَا وَنَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: إلَيَّ رَضَاعُهُ، قَالَ: فَرَجَمَهَا» وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ رَجَمَهَا حِينَ وَضَعَتْ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. وَالطَّرِيقَانِ فِي مُسْلِمٍ وَهَذَا أَصَحُّ طَرِيقًا؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ وَفِيهِ مَقَالٌ. وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ امْرَأَتَيْنِ وَوَقَعَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ نِسْبَتُهَا إلَى الْأَزْدِ. وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَفِيهِ رَجَمَهَا بَعْدَ أَنْ وَضَعَتْ».

(بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ) لَمَّا كَانَ الْكِتَابُ إنَّمَا هُوَ مَعْقُودٌ لِبَيَانِ الْحُدُودِ كَانَ الْحَدُّ هُوَ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ، فَلَزِمَ الِابْتِدَاءُ بِتَعْرِيفِهِ لُغَةً وَشَرْعًا فَفَعَلَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ، ثُمَّ أَرَادَ تَقْدِيمَ حَدِّ الزِّنَا فَقَدَّمَهُ وَأَعْطَى أَحْكَامَهُ لِأَنَّهَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ، وَذَلِكَ بِثُبُوتِ سَبَبِهِ. وَحَاصِلُ أَحْكَامِهِ كَيْفِيَّةُ ثُبُوتِهِ وَشُرُوطُهَا وَكَيْفِيَّةُ إقَامَتِهِ وَشُرُوطُهَا فَكَانَ تَصَوُّرُ حَقِيقَةِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الزِّنَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَقْصُودِ الْكِتَابِ ثَانِيًا، وَإِنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّحَقُّقِ فِي الْوُجُودِ أَوَّلًا فَأَخَّرَ الْمُصَنِّفُ تَعْرِيفَهُ إلَى أَنْ فَرَغَ مِنْ الْمَقَاصِدِ الْأَصْلِيَّةِ، وَذَكَرَ أَنَّ الزِّنَا فِي عُرْفِ اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ: يَعْنِي لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فِي الشَّرْعِ قَيْدٌ وَعَرَّفَهُ عَلَى هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>