الْحَرَمِ فَأَحْرَمَ وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ فَعَلَيْهِ دَمٌ)؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ وَأَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمَكِّيِّ، وَإِحْرَامُ الْمَكِّيِّ مِنْ الْحَرَمِ لِمَا ذَكَرْنَا فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْهُ (فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْحَرَمِ فَأَهَلَّ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْآفَاقِيِّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
بَابُ إضَافَةِ الْإِحْرَامِ إلَى الْإِحْرَامِ
(قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀: إذَا أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ بِعُمْرَةٍ وَطَافَ لَهَا شَوْطًا ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَإِنَّهُ يَرْفُضُ الْحَجَّ، وَعَلَيْهِ لِرَفْضِهِ دَمٌ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ).
وَإِذَا أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ لِلْعُمْرَةِ مِنْ الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ دَمٌ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى مِيقَاتِهِ عَلَى مَا عُرِفَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ إلَى مَكَّةَ إلَخْ) ظَاهِرُ مَسْأَلَةٍ ذُكِرَتْ فِي الْمَنَاسِكِ أَنَّ بِدُخُولِ أَرْضِ الْحَرَمِ يَصِيرُ لَهُ حُكْمُ أَهْلِ مَكَّةَ فِي الْمِيقَاتِ، وَهِيَ أَنَّ مَنْ جَاوَزَهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَأَحْرَمَ بِحَجَّةٍ ثُمَّ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ بِعُمْرَةٍ لَزِمَهُ دَمَانِ: دَمٌ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ، وَدَمٌ لِتَرْكِ مِيقَاتِ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ مَنْ صَارَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ الْحِلُّ. اهـ. وَلَمْ أَرَ تَقْيِيدَ مَسْأَلَةِ الْمُتَمَتِّعِ بِمَا إذَا خَرَجَ عَلَى قَصْدِ الْحَجِّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ إلَى الْحِلِّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَالْمَكِّيِّ. هَذَا وَفِي مُجَاوَزَةِ الْمَرْقُوقِ مَعَ مَوْلَاهُ بِلَا إحْرَامٍ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ فَأَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ دَمٌ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ.، وَإِنْ جَاوَزَهُ صَبِيٌّ أَوْ كَافِرٌ فَأَسْلَمَ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(بَابُ إضَافَةِ الْإِحْرَامِ إلَى الْإِحْرَامِ). (قَوْلُهُ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَخْ) حَاصِلُ وُجُوهِ مَا إذَا أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ بِعُمْرَةٍ فَأَدْخَلَ عَلَيْهَا إحْرَامَ حَجَّةٍ ثَلَاثَةٌ: إمَّا أَنْ يُدْخِلَهُ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ فَتُرْتَفَضُ عُمْرَتُهُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ فَعَلَ هَذَا آفَاقِيٌّ كَانَ قَارِنًا عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ فِي بَابِ الْقِرَانِ، أَوْ يُدْخِلَهُ بَعْدَ أَنْ يَطُوفَ أَكْثَرَ الْأَشْوَاطِ فَتُرْتَفَضُ حَجَّتُهُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ فَعَلَ هَذَا آفَاقِيٌّ كَانَ مُتَمَتِّعًا إنْ كَانَ الطَّوَافُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، أَوْ بَعْدَ أَنْ طَافَ الْأَقَلَّ فَهِيَ الْخِلَافِيَّةُ عِنْدَهُ يُرْفَضُ الْحَجُّ؛ لِمَا يَلْزَمُ رَفْضَ الْعُمْرَةِ مِنْ إبْطَالِ الْعَمَلِ. وَعِنْدَهُمَا الْعُمْرَةُ؛ لِأَنَّهَا أَدْنَى حَالًا إذْ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا فَرْضٌ، بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَأَقَلَّ أَعْمَالًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَيْسَرَ قَضَاءً؛ لِعَدَمِ تَوْقِيتِهَا وَقِلَّةِ أَعْمَالِهَا. وَلَوْ فَعَلَ هَذَا آفَاقِيٌّ كَانَ قَارِنًا عَلَى مَا اسْتَوْفَيْنَاهُ فِي صَدْرِ بَابِ الْقِرَانِ، وَكُلُّ مَنْ رَفَضَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ؛ لِمَا رَوَى أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute