بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ
قَالَ ﵀: (صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ إذَا كَانَ مَالِكًا لِمِقْدَارِ النِّصَابِ فَاضِلًا عَنْ مَسْكَنِهِ وَثِيَابِهِ
إلَى كُلِّ فَقِيرٍ صَرْفٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمُسْتَحِقُّ فَيَجُوزُ، وَصَارَ نَظِيرُ مَا لَوْ نَذَرَ صَوْمًا أَوْ صَلَاةً بِمَكَّةَ فَصَامَ وَصَلَّى فِي غَيْرِهَا حَيْثُ يَجُوزُ عِنْدَنَا.
(بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ)
الْكَلَامُ فِي كَيْفِيَّتِهَا وَكَمِّيَّتِهَا وَشَرْطِهَا وَسَبَبِهَا وَسَبَبِ شَرْعِيَّتِهَا وَرُكْنِهَا وَوَقْتِ وُجُوبِهَا وَوَقْتِ الِاسْتِحْبَابِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الرُّكْنَ هُوَ نَفْسُ الْأَدَاءِ إلَى الْمَصْرِفِ، وَسَبَبُ شَرْعِيَّتِهَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ» وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: لَيْسَ فِي رُوَاتِهِ مَجْرُوحٌ وَالْبَاقِي يَأْتِي فِي الْكِتَابِ بَحْثًا بَحْثًا.
فَالْأَوَّلُ وَهُوَ كَيْفِيَّةُ الْوُجُوبِ لِحَدِيثِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعَدَوِيِّ وَهُوَ حَدِيثٌ مَرْوِيٌّ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَمُسْنَدِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فِي الِاسْمِ وَالنِّسْبَةِ وَالْمَتْنِ، فَالْأَوَّلُ: أَهُوَ ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي صُعَيْرٍ أَوْ هُوَ ثَعْلَبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صُعَيْرٍ أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ، وَالثَّانِي: أَهُوَ الْعَدَوِيُّ أَوْ الْعُذْرِيُّ فَقِيلَ الْعَدَوِيُّ نِسْبَةً إلَى جَدِّهِ الْأَكْبَرِ عَدِيٍّ وَقِيلَ: الْعُذُرِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْرِبِ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ فِي تَقْيِيدِ الْمُهْمَلِ: الْعُذُرِيُّ بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالرَّاءِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ أَبُو مُحَمَّدٍ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ صَغِيرٌ، وَالْعَدَوِيُّ تَصْحِيفُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ.
وَالثَّالِثُ: أَهُوَ أَدُّوا صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ قَمْحٍ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ، أَوْ هُوَ صَدَقَةُ الْفِطْرِ صَاعٌ مِنْ بُرٍّ أَوْ قَمْحٍ عَلَى كُلِّ اثْنَيْنِ. قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُحَرَّفَ لَفْظُ رَأْسٍ إلَى اثْنَيْنِ اهـ. لَكِنْ تُبْعِدُهُ رِوَايَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهِيَ مِنْ طُرُقِهِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا رَيْبَ فِيهَا طَرِيقُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute