بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ
(الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ جَائِزٌ بِالسُّنَّةِ) وَالْأَخْبَارُ فِيهِ مُسْتَفِيضَةٌ حَتَّى قِيلَ إنَّ مَنْ لَمْ يَرَهُ كَانَ مُبْتَدِعًا
(قَوْلُهُ جَائِزٌ بِالسُّنَّةِ) لِيُفِيدَ أَنَّ لَيْسَ مَشْرُوعِيَّتُهُ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ خِلَافًا لِمَنْ حَمَلَ قِرَاءَةَ الْجَرِّ فِي (أَرْجُلَكُمْ) عَلَيْهِ لِمَا قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَلِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ لَا يَجِبُ إلَى الْكَعْبَيْنِ اتِّفَاقًا. وَقَوْلُهُ جَائِزٌ يَعْنِي لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِلْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ وَالْأَخْبَارُ فِيهِ مُسْتَفِيضَةٌ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَا قُلْت بِالْمَسْحِ حَتَّى جَاءَنِي فِيهِ مِثْلُ ضَوْءِ النَّهَارِ.
وَعَنْهُ أَخَافُ الْكُفْرَ عَلَى مَنْ لَمْ يَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِأَنَّ الْآثَارَ الَّتِي جَاءَتْ فِيهِ فِي حَيِّزِ التَّوَاتُرِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: خَبَرُ الْمَسْحِ يَجُوزُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِهِ لِشُهْرَتِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ فِي قَلْبِي مِنْ الْمَسْحِ شَيْءٌ فِيهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثًا عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا رَفَعُوا وَمَا وَقَفُوا.
وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي آخَرِينَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ ﷺ «أَنَّهُ ﵊ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ» وَمِمَّنْ رَوَى الْمَسْحَ عَنْهُ ﷺ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعْدٌ وَالْمُغِيرَةُ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَأَبُو أَيُّوبَ وَأَبُو أُمَامَةَ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو سَعِيدٍ وَبِلَالٌ وَصَفْوَانُ بْنُ عَسَّالٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ وَسَلْمَانُ وَثَوَبَانُ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَيَعْلَى بْنُ مُرَّةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ وَبُرَيْدَةُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ إنْكَارُ الْمَسْحِ إلَّا ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، فَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فَقَدْ جَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute