(بَابُ الْإِحْرَامِ)
(وَإِذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ اغْتَسَلَ أَوْ تَوَضَّأَ وَالْغُسْلُ أَفْضَلُ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ ﵊ اغْتَسَلَ لِإِحْرَامِهِ»
عَنْهُ قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَمَّا أَحْلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إذَا تَوَجَّهْنَا إلَى مِنًى. قَالَ: فَأَهْلَلْنَا مِنْ الْأَبْطَحِ»
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ «قَوْلِ عَائِشَةَ ﵂ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَنْطَلِقُونَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَأَنْطَلِقُ بِحَجٍّ؟ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ».
حَقِيقَتُهُ الدُّخُولُ فِي الْحُرْمَةِ وَالْمُرَادُ الدُّخُولُ فِي حُرُمَاتٍ مَخْصُوصَةٍ: أَيْ الْتِزَامُهَا، وَالْتِزَامُهَا شَرْطُ الْحَجِّ شَرْعًا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ ثُبُوتُهُ شَرْعًا إلَّا بِالنِّيَّةِ مَعَ الذِّكْرِ أَوْ الْخُصُوصِيَّةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَإِذَا تَمَّ الْإِحْرَامُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِعَمَلِ النُّسُكِ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ.
وَإِنْ أَفْسَدَهُ إلَّا فِي الْفَوَاتِ فَبِعَمَلِ الْعُمْرَةِ وَإِلَّا الْإِحْصَارُ فَبِذَبْحِ الْهَدْيِ، ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ مَظْنُونًا، فَلَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ عَلَى ظَنِّ أَنَّ عَلَيْهِ الْحَجَّ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنْ لَا حَجَّ عَلَيْهِ يَمْضِي فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ، فَإِنْ أَبْطَلَهُ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ. لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ فَسْخُ الْإِحْرَامِ أَبَدًا إلَّا بِالدَّمِ وَالْقَضَاءِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى لُزُومِ الْمُضِيِّ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الْمَظْنُونِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَا سَلَفَ (قَوْلُهُ لِمَا رُوِيَ إلَخْ) أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَجَرَّدَ لِإِهْلَالِهِ وَاغْتَسَلَ» وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إنَّمَا حَسَّنَهُ وَلَمْ يُصَحِّحْهُ لِلِاخْتِلَافِ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، وَالرَّاوِي عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَدَنِيُّ أَجْهَدْت نَفْسِي فِي مَعْرِفَتِهِ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا ذَكَرَهُ اهـ لَكِنَّ تَحْسِينَ التِّرْمِذِيِّ لِلْحَدِيثِ فَرْعُ مَعْرِفَتِهِ وَعَيْنَهُ، وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ «اغْتَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ لَبِسَ ثِيَابَهُ، فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ، فَلَمَّا اسْتَوَى بِهِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ» وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
يَعْقُوبُ بْنُ عَطَاءٍ مِمَّنْ جَمَعَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ حَدِيثَهُ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ «مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَغْتَسِلَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ» وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِهِمَا وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَزَّارُ.
وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنْ السُّنَّةِ حُكْمُهُ الرَّفْعُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُجَامِعَ زَوْجَتَهُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا بِهَا أَوْ كَانَ يُحْرِمُ مِنْ دَارِهِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ ارْتِفَاقٌ لَهُ أَوْ لَهَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَدْ أَسْنَدَ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ «عَائِشَةَ ﵂
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute