(بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ)
قَالَ (الْمُرَابَحَةُ نَقْلُ مَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ مَعَ زِيَادَةِ رِبْحٍ
وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَعْتِقْهُ فَأَعْتَقَهُ جَازَ الْعِتْقُ عَنْ الْبَائِعِ وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْعِتْقُ بَاطِلٌ، وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: جُحُودُ مَا عَدَا النِّكَاحِ فَسْخٌ، وَعَلَيْهِ مَا فَرَّعَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانَ وَغَيْرِهَا، بَاعَ أَمَةً فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ لَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ وَطْؤُهَا إلَّا إنْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ فَيَحِلُّ لَهُ حِينَئِذٍ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ جُحُودَ الْمُشْتَرِي فَسْخٌ فِي حَقِّهِ، وَإِذَا عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ فَقَدْ تَمَّ الْفَسْخُ مِنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي لَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ وَطْؤُهَا، فَإِنْ تَرَكَ الْمُشْتَرِي الْخُصُومَةَ وَسَمِعَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَمِثْلُهُ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ رَدَّ عَلَى الْبَائِعِ جَارِيَةً أُخْرَى فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَقَالَ هِيَ الَّتِي اشْتَرَيْتهَا وَقَبَضْتهَا كَانَ الْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ قَبْضَ غَيْرِهَا، فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِهَا حَلَّ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا رَدَّ أُخْرَى فَقَدْ رَضِيَ بِتَمَلُّكِ الْبَائِعِ الثَّانِيَةَ بِالْأَوْلَى، فَإِذَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِالتَّعَاطِي، وَكَذَا الْقَصَّارُ وَالْإِسْكَافُ،.
وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَاللَّحْمِ وَالسَّمَكِ وَالْفَاكِهَةِ وَذَهَبَ الْمُشْتَرِي إلَى بَيْتِهِ لِيَجِيءَ بِالثَّمَنِ فَطَالَ مُكْثُهُ وَخَافَ الْبَائِعُ فَسَادَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ اسْتِحْسَانًا، وَلِلْمُشْتَرِي مِنْهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ رَضِيَ بِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَالْمُشْتَرِيَ كَذَلِكَ ظَاهِرًا، ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ فَالنُّقْصَانُ عَلَى الْبَائِعِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ.
وَلَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي: بِعْته مِنْ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَبْلَ نَقْدِهِ وَفَسَدَ الْبَيْعُ بِذَلِكَ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ أَقَلْنَا بِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ فِي إنْكَارِ الْإِقَالَةِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي يَدَّعِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي الْإِقَالَةَ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ.
(قَوْلُهُ: الْمُرَابَحَةُ نَقْلُ مَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ مَعَ زِيَادَةِ رِبْحٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute