للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي الْعُرُوضِ

بَيْنَهُنَّ تَقَارُضًا.

رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: فِي الْحُلِيِّ الزَّكَاةُ، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ إلَى خَازِنِهِ سَالِمٍ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ حُلِيِّ بَنَاتِهِ كُلَّ سَنَةٍ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ نِسَاءَهُ أَنْ يُزَكِّينَ حُلِيَّهُنَّ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: فِي الْحُلِيِّ الزَّكَاةُ. زَادَ ابْنُ شَدَّادٍ: حَتَّى فِي الْخَاتَمِ.

وَأَخْرَجَ عَنْ عَطَاءٍ أَيْضًا وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا: مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ فِي الْحُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الزَّكَاةَ. وَفِي الْمَطْلُوبِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَرْفُوعَةٌ غَيْرَ أَنَّا اقْتَصَرْنَا مِنْهَا عَلَى مَا لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّتِهِ، وَالتَّأْوِيلَاتُ الْمَنْقُولَةُ عَنْ الْمُخَالِفِينَ مِمَّا يَنْبَغِي صَوْنُ النَّفْسِ عَنْ أَخْطَارِهَا وَالِالْتِفَاتِ إلَيْهَا. وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ مَا يُصَرِّحُ بِرَدِّهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. وَاعْلَمْ أَنَّ مِمَّا يُعَكِّرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مَا فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَلِي بَنَاتِ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حِجْرِهَا فَلَا تُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ، وَعَائِشَةُ رَاوِيَةُ حَدِيثِ الْفَتَخَاتِ، وَعَمَلُ الرَّاوِي بِخِلَافِ مَا رَوَى عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ رِوَايَتِهِ لِلنَّاسِخِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَنْسُوخًا. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِأَنَّ ذَلِكَ لِلنَّسْخِ عِنْدَنَا هُوَ إذَا لَمْ يُعَارِضْ مُقْتَضَى النَّسْخِ مُعَارِضٌ يَقْتَضِي عَدَمَهُ، وَهُوَ ثَابِتٌ هُنَا فَإِنَّ كِتَابَةَ عُمَرَ إلَى الْأَشْعَرِيِّ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حُكْمٌ مُقَرَّرٌ، وَكَذَا مَنْ ذَكَرْنَاهُ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ. فَإِذَا وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي النَّسْخِ، وَالثُّبُوتُ مُتَحَقِّقٌ لَا يُحْكَمُ بِالنَّسْخِ هَذَا كُلُّهُ عَلَى رَأَيْنَا. وَأَمَّا عَلَى رَأْيِ الْخَصْمِ فَلَا يَرِدُ ذَلِكَ أَصْلًا، إذْ قُصَارَى فِعْلِ عَائِشَةَ قَوْلُ صَحَابِيٍّ وَهُوَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَارَضًا بِالْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ، وَعَمَلُ الرَّاوِي بِخِلَافِ رِوَايَتِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ بَلْ الْعِبْرَةُ لِمَا رَوَى لَا لِمَا رَأَى عِنْدَهُ. وَلَا يُقَالُ: إنَّمَا لَمْ تُؤَدِّ مِنْ حُلِيِّهِنَّ لِأَنَّهُنَّ يَتَامَى، وَلَا زَكَاةَ عَلَى الصَّبِيِّ لِأَنَّ مَذْهَبَهَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَلِذَا عَدَلْنَا فِي الْجَوَابِ إلَى مَا سَمِعْت، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

هَذَا وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُؤَدَّى الْوَزْنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْخَيْرِيَّةُ، وَعِنْدَ زُفَرَ الْقِيمَةُ، فَلَوْ أَدَّى عَنْ خَمْسَةٍ جِيَادٍ خَمْسَةً زُيُوفًا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَكُرِهَ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ فَيُؤَدَّى الْفَضْلُ، وَلَوْ أَدَّى أَرْبَعَةً جَيِّدَةً عَنْ خَمْسَةٍ رَدِيئَةٍ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ أَرْبَعَةٍ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ لِاعْتِبَارِ مُحَمَّدٍ الْخَيْرِيَّةَ وَاعْتِبَارِهِمَا الْقَدْرَ، وَيَجُوزُ عِنْدَ زُفَرَ لِلْقِيمَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ فِي الْعُرُوضِ)

الْعُرُوض جَمْعُ عَرَضٍ بِفَتْحَتَيْنِ: حُطَامُ الدُّنْيَا، كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَالصِّحَاحِ. وَالْعَرْضُ بِسُكُونِ الرَّاءِ الْمَتَاعُ، وَكُلُّ شَيْءٍ فَهُوَ عَرْضٌ سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْعُرُوض الْأَمْتِعَةُ الَّتِي لَا يَدْخُلُهَا كَيْلٌ وَلَا وَزْنٌ وَلَا يَكُونُ حَيَوَانًا وَلَا عَقَارًا، فَعَلَى هَذَا جَعْلُهَا هُنَا جَمْعَ عَرْضٍ بِالسُّكُونِ أَوْلَى لِأَنَّهُ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ النَّقْدَيْنِ وَالْحَيَوَانَاتِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ وَالْحَيَوَانِ مَمْنُوعٌ) بَلْ فِي بَيَانِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ حَيَوَانًا

<<  <  ج: ص:  >  >>