للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا أَنَّ السَّبَبَ مَالٌ نَامٍ وَدَلِيلُ النَّمَاءِ مَوْجُودٌ وَهُوَ الْإِعْدَادُ لِلتِّجَارَةِ خِلْقَةً، وَالدَّلِيلُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ بِخِلَافِ الثِّيَابِ.

مَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ أَنَّ «امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا وَفِي يَدِ بِنْتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهُمَا: أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟ قَالَتْ لَا، قَالَ: أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارًا مِنْ نَارٍ؟ قَالَ: فَخَلَعَتْهُمَا فَأَلْقَتْهُمَا إلَى النَّبِيِّ فَقَالَتْ: هُمَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنُ بْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، إسْنَادُهُ لَا مَقَالَ فِيهِ، ثُمَّ بَيَّنَهُ رَجُلًا رَجُلًا.

وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ أَتَتْ امْرَأَتَانِ فَسَاقَهُ، وَفِيهِ «أَتُحِبَّانِ أَنْ يُسَوِّر كَمَا اللَّهُ بِسِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟ قَالَتَا لَا، قَالَ: فَأَدِّيَا زَكَاتَهُ» وَتَضْعِيفُ التِّرْمِذِيِّ وَقَوْلُهُ لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ النَّبِيِّ شَيْءٌ مُؤَوَّلٌ وَإِلَّا فَخَطَأٌ.

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: لَعَلَّ التِّرْمِذِيَّ قَصَدَ الطَّرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا وَإِلَّا فَطَرِيقُ أَبِي دَاوُد لَا مَقَالَ فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد: وَإِنَّمَا ضَعَّفَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ لِأَنَّ عِنْدَهُ فِيهِ ضَعِيفَيْنِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ.

وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ قَالَ «دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ فَرَأَى فِي يَدَيَّ فَتَخَاتِ وَرِقٍ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ فَقُلْتُ: صُغْتُهُنَّ لِأَتَزَيَّنَ لَك بِهِنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟ فَقُلْتُ: لَا، فَقَالَ: هُنَّ حَسْبُكِ مِنْ النَّارِ» وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَطَاءٍ مَجْهُولٌ، وَتَعَقَّبَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ أَحَدُ الثِّقَاتِ، وَلَكِنْ لَمَّا نُسِبَ فِي سَنَدِ الدَّارَقُطْنِيِّ إلَى جَدِّهِ ظَنَّ أَنَّهُ مَجْهُولٌ وَتَبِعَهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَقَدْ جَاءَ مُبَيَّنًا عِنْدَ أَبِي دَاوُد بَيَّنَهُ شَيْخُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الرَّازِيّ وَهُوَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ إمَامُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ.

وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ عَتَّابِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «كُنْتُ أَلْبَسُ أَوْضَاحًا مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَنْزٌ هُوَ؟ فَقَالَ: مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَزُكِّيَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ» وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ ثَابِتٍ بِهِ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَلَفْظُهُ «إذَا أَدَّيْتِ زَكَاتَهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ ثَابِتُ بْنُ عَجْلَانَ. قَالَ صَاحِبُ تَنْقِيحِ التَّحْقِيقِ: وَهَذَا لَا يَضُرُّ فَإِنَّ ثَابِتَ بْنَ عَجْلَانَ رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ.

وَقَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ لَا يُحْتَجُّ بِهِ قَوْلٌ لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ. وَمِمَّنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَنَسَبَهُ فِي ذَلِكَ إلَى التَّحَامُلِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى الثِّقَاتِ. قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ فِيهِ: هَذَا وَهْمٌ قَبِيحٌ، فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُهَاجِرِ الْكَذَّابَ لَيْسَ هُوَ هَذَا، فَهَذَا الَّذِي يَرْوِي عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ ثِقَةٌ شَامِيٌّ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ، وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَدُحَيْمٌ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمْ.

وَعَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَرَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ مُتَابَعَةً.

وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، إنَّمَا يُرْوَى عَنْ جَابِرٍ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَمَّا الْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ فَمَوْقُوفَاتٌ وَمُعَارَضَاتٌ بِمِثْلِهَا عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ : أَنْ مُرْ مَنْ قِبَلَك مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُزَكِّينَ حُلِيَّهُنَّ وَلَا يَجْعَلْنَ الزِّيَادَةَ وَالْهَدِيَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>