بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ
فَصْلٌ فِي الِاخْتِيَارِ
(وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اخْتَارِي يَنْوِي بِذَلِكَ الطَّلَاقَ أَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَك فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا ذَلِكَ، فَإِنْ قَامَتْ مِنْهُ أَوْ أَخَذَتْ فِي عَمَلٍ آخَرَ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا) لِأَنَّ الْمُخَيَّرَةَ لَهَا الْمَجْلِسُ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ ﵃ أَجْمَعِينَ،
(بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ)
(فَصْلٌ فِي الِاخْتِيَارِ)
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الطَّلَاقِ بِوِلَايَةِ الْمُطَلِّقِ نَفْسِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِهِ بِوِلَايَةٍ مُسْتَفَادَةٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَتَحْتَ هَذَا الصِّنْفِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: التَّفْوِيضُ بِلَفْظِ التَّخْيِيرِ وَبِلَفْظِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ وَبِلَفْظِ الْمَشِيئَةِ (قَوْلُهُ: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اخْتَارِي يَنْوِي بِذَلِكَ الطَّلَاقَ) يَعْنِي يَنْوِي تَخْيِيرَهَا فِيهِ (أَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَك فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا ذَلِكَ) وَإِنْ طَالَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يَتَبَدَّلْ بِالْأَعْمَالِ (فَإِنْ قَامَتْ مِنْهُ أَوْ أَخَذَتْ فِي عَمَلٍ آخَرَ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا؛ لِأَنَّ الْمُخَيَّرَةَ لَهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يُخَيِّرُ زَوْجَتَهُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَمْرُهَا بِيَدِهَا فَإِنْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا، رَوَيْنَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَفِي أَسَانِيدِهَا مَقَالٌ، وَبِهِ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ بِهِ عَطَاءٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَفِي غَيْرِهِ، وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَابْنِ نَصْرٍ وَبِهِ نَقُولُ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ «قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ لِعَائِشَةَ ﵂ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ» وَحَكَى صَاحِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute