للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَابُ اللِّعَانِ

قَالَ (إذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالزِّنَا

بَطَلَتَا بِالتَّعَارُضِ بَقِيَ مُطْلَقُ النِّيَّةِ وَبِهَا يَصِحُّ النَّفَلُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقَعُ عَنْ الْأَقْوَى لِأَنَّ نِيَّةَ التَّطَوُّعِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا فَلَغَتْ فَبَقِيَ نِيَّةُ الْقَضَاءِ. وَلَوْ نَوَى حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَالتَّطَوُّعَ فَهُوَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ اتِّفَاقًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِمَا ذَكَرْنَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ لَمَّا بَطَلَتْ الْجِهَتَانِ بِالتَّعَارُضِ بَقِيَ مُطْلَقُ النِّيَّةِ وَبِهِ تَتَأَدَّى حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ نَوَى الْقَضَاءَ وَكَفَّارَةَ الظِّهَارِ كَانَ عَنْ الْقَضَاءِ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ يَكُونُ تَطَوُّعًا، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لِتَدَافُعِ النِّيَّتَيْنِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ صَامَ مُطْلَقًا. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْقَضَاءَ أَقْوَى لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخُلُوصِ وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ لِاسْتِيفَاءِ حَقٍّ لَهُ فَيَتَرَجَّحُ الْقَضَاءُ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَنَوَاهُ وَكَفَّارَةَ الْيَمِينِ أَنَّهُ عَنْ النَّذْرِ لِأَنَّهُ نَفْلٌ فِي أَصْلِهِ، وَقَدَّمْنَا هَذَا فِي كِتَابِ الصَّوْمِ، وَذَكَرْنَا إلْزَامَ مُحَمَّدٍ شُرُوعَهُ فِي النَّفْلِ فِي صُورَةِ نِيَّةِ الظُّهْرِ وَالنَّفَلِ فَارْجِعْ إلَيْهِ فَلْيَكُنْ هَذَا رِوَايَةً عَنْهُ فِيهِ. هَذَا وَمِمَّا يُعَكِّرُ عَلَى الْأَصْلِ الْمُمَهِّدِ مَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمُنْتَقَى: لَوْ تَصَدَّقَ عَنْ يَمِينٍ وَظِهَارٍ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا اسْتِحْسَانًا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

(بَابُ اللِّعَانِ)

هُوَ مَصْدَرُ لَاعَنَ سَمَاعِيٌّ لَا قِيَاسِيٌّ، وَالْقِيَاسُ الْمُلَاعَنَةُ، وَكَثِيرٌ مِنْ النُّحَاةِ يَجْعَلُونَ الْفِعَالَ وَالْمُفَاعَلَةَ مَصْدَرَيْنِ قِيَاسِيَّيْنِ لِفَاعِلٍ وَهُوَ مِنْ اللَّعْنِ وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ، يُقَالُ مِنْهُ الْتَعَنَ: أَيْ لَعَنَ نَفْسَهُ، وَلَاعَنَ إذَا فَاعَلَ غَيْرَهُ، وَمِنْهُ رَجُلٌ لَعْنَةٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ إذَا كَانَ كَثِيرَ اللَّعْنِ لِغَيْرِهِ، وَبِسُكُونِهَا إذَا لَعَنَهُ النَّاسُ كَثِيرًا. قَالَ:

وَالضَّيْفُ أُكْرِمُهُ فَإِنَّ مَبِيتَهُ … حَقٌّ وَلَا تَكُ لَعْنَةً لِلنُّزُلِ

وَفِي الْفِقْهِ: هُوَ اسْمٌ لِمَا يَجْرِي بَيْن الزَّوْجَيْنِ مِنْ الشَّهَادَاتِ بِالْأَلْفَاظِ الْمَعْرُوفَةِ، سُمِّيَ ذَلِكَ بِهِ لِوُجُودِ لَفْظِ اللَّعْنِ فِي الْخَامِسَةِ مِنْ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ وَلَمْ يُسَمَّ بِاسْمِ الْغَضَبِ، وَهُوَ أَيْضًا مَوْجُودٌ فِيهِ لِأَنَّهُ فِي كَلَامِهَا وَذَلِكَ فِي كَلَامِهِ وَهُوَ أَسْبَقُ وَالسَّبْقُ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ

وَشَرْطُهُ قِيَامُ النِّكَاحِ وَمَا سَيُذْكَرُ. وَسَبَبُهُ قَذْفُهُ زَوْجَتَهُ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ. وَرُكْنُهُ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ. وَحُكْمُهُ حُرْمَتُهَا بَعْدَ التَّلَاعُنِ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَأَهْلُهُ مَنْ كَانَ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ إذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالزِّنَا) بِأَنْ يَقُولَ أَنْتِ زَانِيَةٌ أَوْ رَأَيْتُك تَزْنِينَ أَوْ يَا زَانِيَةُ، هَذَا مَذْهَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>