وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَالْمَرْأَةُ مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهَا أَوْ نَفَى نَسَبَ وَلَدِهَا وَطَالَبَتْهُ بِمُوجِبِ الْقَذْفِ فَعَلَيْهِ اللِّعَانُ)
الْجُمْهُورِ، وَفِي الْمَشْهُورِ عَنْ مَالِكٍ: لَا يَجِبُ بِقَوْلِهِ يَا زَانِيَةُ بَلْ يَجِبُ فِيهِ الْحَدُّ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ.
وَاسْتُضْعِفَ بِأَنَّ الْكُلَّ رَمَى بِالزِّنَا وَهُوَ السَّبَبُ فَلَا فَرْقَ (قَوْلُهُ وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ) أَيْ مِنْ أَهْلِ أَدَائِهَا عَلَى الْمُسْلِمِ فَلَا يَجْرِي اللِّعَانُ بَيْنَ الْكَافِرَيْنِ وَالْمَمْلُوكَيْنِ، وَلَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَمْلُوكًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ. وَأَوْرَدَ أَنَّهُ يَجْرِي بَيْنَ الْأَعْمَيَيْنِ وَالْفَاسِقَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا أَدَاءَ لَهُمَا.
وَدَفَعَ بِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ لِلْفِسْقِ وَلِعَدَمِ تَمْيِيزِ الْأَعْمَى بَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَهُنَا هُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَامْرَأَتِهِ فَيَكُونُ أَهْلًا لِهَذِهِ الشَّهَادَةِ دُونَ غَيْرِهَا. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵁ أَنَّ الْأَعْمَى لَا يُلَاعِنُ (قَوْلُهُ مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهَا) فَلَوْ كَانَتْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا بِأَنْ تَزَوَّجَتْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَدَخَلَ بِهَا فِيهِ أَوْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ وَلَيْسَ لَهُ أَبٌ مَعْرُوفٌ أَوْ زَنَتْ فِي عُمُرِهَا وَلَوْ مَرَّةً أَوْ وُطِئَتْ وَطْئًا حَرَامًا بِشُبْهَةٍ وَلَوْ مَرَّةً لَا يَجْرِي اللِّعَانُ. وَأَوْرَدَ مَا فَائِدَةُ تَخْصِيصِ الْمَرْأَةِ بِكَوْنِهَا مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهَا وَهُوَ شَرْطٌ فِي جَانِبِ الرَّجُلِ أَيْضًا حَتَّى لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ لَا يَجْرِي اللِّعَانُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهَا.
وَأَجَابَ فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّ اللِّعَانَ فِي حَقِّهِ قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ فَلَا بُدَّ مِنْ إحْصَانِهَا حَتَّى يَقَعَ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ، وَعِنْدَ عَدَمِ إحْصَانِهَا قَذْفُهَا لَا يَكُونُ مُوجِبًا شَيْئًا لَا حَدَّ الْقَذْفِ وَلَا اللِّعَانِ، أَمَّا قَذْفُ الرَّجُلِ عِنْدَ عَدَمِ إحْصَانِهِ فَمُوجِبُ مَا هُوَ الْأَصْلُ وَهُوَ حَدُّ الْقَذْفِ فَلَمْ يُخِلَّ قَذْفُهُ عِنْدَ عَدَمِ إحْصَانِهِ عَنْ مُوجِبٍ فَلِذَلِكَ لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَهُ مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهُ إذْ الْحَدُّ أَصْلُ اللِّعَانِ فَكَانَ فِي مَعْنَى اللِّعَانِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: هَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ اللِّعَانِ أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ، وَكَوْنُهُ مِمَّنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ كَالزَّانِي لَا يُخِلُّ بِهَذَا الشَّرْطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute