للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

(وَنَفَقَةُ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ عَلَى الْأَبِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ كَمَا لَا يُشَارِكُهُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ)

إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مَا لَمْ يَظْهَرْ فَرَاغُ رَحِمِهَا هَذَا فِي الْمُحِيطِ اهـ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ وَهُوَ حَسَنٌ. وَفِيهَا: رَجُلٌ غَابَ فَتَزَوَّجَتْ امْرَأَتُهُ بِآخَرَ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ الثَّانِي فَحَضَرَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ الثَّانِي وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الثَّانِي، فَإِنْ طَلَّقَهَا وَهِيَ فِي عِدَّةِ الثَّانِي لَمْ تَجِبْ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلَا عَلَى الثَّانِي مَا دَامَتْ فِي عِدَّةِ الثَّانِي، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ الثَّانِي تَجِبُ، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الْمُعْتَدَّةُ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا لَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ عَلَى الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْأَقْضِيَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى قَالَ: تَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ، هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ، وَتَأْوِيلُهُ إذَا تَزَوَّجَتْ فِي بَيْتِ الْعِدَّةِ، أَمَّا إذَا خَرَجَتْ فَلَا.

(فَصْلٌ)

(قَوْلُهُ وَنَفَقَةُ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ عَلَى الْأَبِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ) قَيَّدَ بِالصِّغَرِ فَخَرَجَ الْبَالِغُ وَلَيْسَ هَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ الْأَبُ إمَّا غَنِيٌّ أَوْ فَقِيرٌ، وَالْأَوْلَادُ إمَّا صِغَارٌ أَوْ كِبَارٌ، فَالْأَقْسَامُ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ غَنِيًّا وَالْأَوْلَادُ كِبَارًا، فَإِمَّا إنَاثٌ أَوْ ذُكُورٌ، فَالْإِنَاثُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُنَّ إلَى أَنْ يَتَزَوَّجْنَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ مَالٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُنَّ فِي عَمَلٍ وَلَا خِدْمَةٍ وَإِنْ كَانَ لَهُنَّ قُدْرَةٌ، وَإِذَا طَلُقَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا عَادَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى الْأَبِ، وَالذُّكُورُ إمَّا عَاجِزُونَ عَنْ الْكَسْبِ لِزَمَانَةٍ أَوْ عَمًى أَوْ شَلَلٍ أَوْ ذَهَابِ عَقْلٍ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ، وَكَذَا إذَا كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْكِرَامِ لَا يَجِدُ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ فَهُوَ عَاجِزٌ، وَكَذَا طَلَبَةُ الْعِلْمِ إذَا كَانُوا لَا يَهْتَدُونَ إلَى الْكَسْبِ نَفَقَتُهُمْ عَلَى آبَائِهِمْ؛ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: وَرَأَيْت فِي مَوْضِعٍ: هَذَا إذَا كَانَ بِهِمْ رُشْدٌ، وَقَوْلُهُ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي الصِّغَارِ، أَمَّا الْكِبَارُ فَعَلَى الظَّاهِرِ كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عَاجِزِينَ لَا نَفَقَةَ لَهُمْ.

الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْأَبُ غَنِيًّا وَهُمْ صِغَارٌ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مَالٌ أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الذَّكَرُ حَدَّ الْكَسْبِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ، فَإِذَا كَانَ هَذَا كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يُؤَاجِرَهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْأُنْثَى ذَلِكَ، فَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُبَذِّرًا يُدْفَعُ كَسْبُ الِابْنِ إلَى أَمِينٍ كَمَا فِي سَائِرِ أَمْلَاكِهِ؛ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ فَإِمَّا حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ، فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَنَفَقَتُهُمْ فِي مَالِهِمْ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ شَيْءٌ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا وَجَبَتْ عَلَى الْأَبِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِهِمْ يُنْفِقُ بِإِذْنِ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ، فَلَوْ أَنْفَقَ بِلَا أَمْرِهِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ لَكِنْ أَنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْحُكْمِ رُجُوعٌ، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ.

الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ فَقِيرًا، فَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ وَكِبَارًا

<<  <  ج: ص:  >  >>