للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ

قَالَ (وَإِذَا ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ شُبْهَةٌ كُشِفَتْ عَنْهُ) لِأَنَّهُ عَسَاهُ اعْتَرَتْهُ شُبْهَةٌ فَتُزَاحُ، وَفِيهِ دَفْعُ شَرِّهِ بِأَحْسَنِ الْأَمْرَيْنِ، إلَّا أَنَّ الْعَرْضَ عَلَى مَا قَالُوا غَيْرُ وَاجِبٍ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ بَلَغَتْهُ. قَالَ (وَيُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: الْمُرْتَدُّ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَبَى قُتِلَ) وَتَأْوِيلُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَسْتَمْهِلُ فَيُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ

يَجِبُ رَدُّ مَا بَقِيَ، وَقِيلَ عَلَى قِيَاسِ تَعْجِيلِ الْمَرْأَةِ النَّفَقَةَ لَا يَجِبُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَحَبُّ إلَيَّ رَدُّ الْبَاقِيَ كَمَا لَوْ عَجَّلَ لَهَا نَفَقَةً لِيَتَزَوَّجَهَا فَمَاتَ قَبْلَ التَّزَوُّجِ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ. وَعِنْدَهُمَا هُوَ صِلَةٌ مِنْ وَجْهٍ فَيَنْقَطِعُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ بِالْمَوْتِ كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، ذَكَرَهُ فِي جَامِعَيْ قَاضِي خَانْ والتمرتاشي. وَالْعَطَاءُ: هُوَ مَا يَثْبُتُ فِي الدِّيوَانِ بِاسْمِ كُلٍّ مِمَّنْ ذَكَرْنَا مِنْ الْمُقَاتِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ كَالْجَامِكِيَّةِ فِي عُرْفِنَا إلَّا أَنَّهَا شَهْرِيَّةٌ، وَالْعَطَاءُ سَنَوِيٌّ.

(بَابُ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ)

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْكُفْرِ الطَّارِئِ. وَالْمُرْتَدُّ: هُوَ الرَّاجِعُ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ شُبْهَةٌ) أَبَدَاهَا (كُشِفَتْ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَسَاهُ اعْتَرَتْهُ) أَيْ عَرَضَتْ لَهُ (شُبْهَةٌ فَتُزَاحُ عَنْهُ، وَفِيهِ دَفْعُ شَرِّهِ بِأَحْسَنِ الْأَمْرَيْنِ) وَهُمَا الْقَتْلُ وَالْإِسْلَامُ وَأَحْسَنُهُمَا الْإِسْلَامُ. وَلَمَّا كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقُدُورِيِّ وُجُوبَ الْعَرْضِ قَالَ: (إلَّا أَنَّ الْعَرْضَ عَلَى مَا قَالُوا) أَيْ الْمَشَايِخُ (غَيْرُ وَاجِبٍ) بَلْ مُسْتَحَبٌّ (لِأَنَّ الدَّعْوَةَ قَدْ بَلَغَتْهُ) وَعَرْضُ الْإِسْلَامِ هُوَ الدَّعْوَةُ إلَيْهِ، وَدَعْوَةُ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ بَلْ مُسْتَحَبَّةٌ (قَوْلُهُ: وَيُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ أَسْلَمَ) فِيهَا (وَإِلَّا قُتِلَ) وَهَذَا اللَّفْظُ أَيْضًا مِنْ الْقُدُورِيِّ يُوجِبُ وُجُوبَ الْإِنْظَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ الْأَخْبَارِ فِي مِثْلِهِ، فَذَكَرَ عِبَارَةَ الْجَامِعِ وَهُوَ قَوْلُهُ: (وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: الْمُرْتَدُّ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، فَإِنْ أَبَى قُتِلَ) أَيْ مَكَانَهُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ إنْظَارَهُ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>