للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

وَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ لِأَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ. وَالِاسْتِدْبَارُ يُكْرَهُ فِي رِوَايَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ التَّعْظِيمِ، وَلَا يُكْرَهُ فِي رِوَايَةٍ لِأَنَّ الْمُسْتَدْبَرَ فَرْجُهُ غَيْرُ مُوَازٍ لِلْقِبْلَةِ. وَمَا يَنْحَطُّ مِنْهُ يَنْحَطُّ إلَى الْأَرْضِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَقْبِلِ لِأَنَّ فَرْجَهُ مُوَازٍ لَهَا وَمَا يَنْحَطُّ مِنْهُ يَنْحَطُّ إلَيْهَا

وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ «التَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ» وَعَنْ جَابِرٍ بْنِ سُمْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إلَيْهِمْ»

(فَصْلٌ)

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ) قَالَ «إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ (قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ فِي رِوَايَةٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «رَقَيْتُ يَوْمًا عَلَى بَيْتِ أُخْتِي حَفْصَةَ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ» وَلِأَنَّ فَرْجَهُ غَيْرُ مُوَازٍ لَهَا، إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ.

وَجْهُ الظَّاهِرِ الْحَدِيثُ السَّابِقُ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ لِتَقَدُّمِ الْمَانِعِ عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ اخْتَلَفَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، وَبِاعْتِبَارِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَصِيرُ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ: ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَخْذًا بِعُمُومِ الْأَوَّلِ مَعَ تَقْوِيَتِهِ بِقَوْلِ أَبِي أَيُّوبَ قَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ نَحْوَ الْكَعْبَةِ فَنَنْحَرِفُ عَنْهَا وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَطَائِفَةٌ كَرِهُوهُ فِي الْفَضَاءِ دُونَ الْبُنْيَانِ مُطْلَقًا مِنْهُمْ الشَّعْبِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ أَخْذًا بِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ: رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَجَلَسَ يَبُولُ إلَيْهَا، فَقُلْت: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا؟. قَالَ بَلَى إنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَك وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُك فَلَا بَأْسَ. وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا مِنْ رُؤْيَتِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ . وَطَائِفَةٌ رَخَّصُوهُ مُطْلَقًا، فَمِنْهُمْ مَنْ طَرَحَ الْأَحَادِيثَ لِتَعَارُضِهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ وَالْمُعَارَضَةُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ، وَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ قَوْمٌ يَكْرَهُونَ أَنْ يَسْتَقْبِلُوا بِفُرُوجِهِمْ الْقِبْلَةَ فَقَالَ: أُرَاهُمْ قَدْ فَعَلُوهَا اسْتَقْبِلُوا بِمَقْعَدَتِي الْقِبْلَةَ».

وَقَوْلُ أَحْمَدَ أَحْسَنُ مَا فِي الرُّخْصَةِ حَدِيثُ عَائِشَةَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>