للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ

(وَإِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ أَفْطَرَ وَقَضَى) فَهَذَا النَّذْرُ صَحِيحٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَالشَّافِعِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. هُمَا يَقُولَانِ: إنَّهُ نَذْرٌ بِمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ هَذِهِ الْأَيَّامِ. وَلَنَا أَنَّهُ نَذَرَ بِصَوْمٍ مَشْرُوعٍ وَالنَّهْيُ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ تَرْكُ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَصِحُّ نَذْرُهُ لَكِنَّهُ يُفْطِرُ احْتِرَازًا عَنْ الْمَعْصِيَةِ الْمُجَاوِرَةِ ثُمَّ يَقْضِي إسْقَاطًا لِلْوَاجِبِ، وَإِنْ صَامَ فِيهِ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ لِأَنَّهُ أَدَّاهُ كَمَا الْتَزَمَهُ.

فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ)

وَجْهُ تَقْدِيمِ بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَاجِبِ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى ابْتِدَاءً عَلَى الْوَاجِبِ عِنْدَ إيجَابِ الْعَبْدِ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ فَهَذَا النَّذْرُ صَحِيحٌ) رَتَّبَهُ بِالْفَاءِ لِأَنَّهُ نَتِيجَةُ قَوْلِهِ: قَضَى: أَيْ لَمَّا لَزِمَ الْقَضَاءُ كَانَ النَّذْرُ صَحِيحًا (قَوْلُهُ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ هَذِهِ الْأَيَّامِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: عَنْ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِوَضْعِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي النُّسْخَةِ الْأُخْرَى مُشَارٌ بِهِ إلَى مَعْهُودٍ فِي الذِّهْنِ بِنَاءً عَلَى شُهْرَةِ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيِّ عَنْ صِيَامِهَا، وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَالْعِيدَيْنِ، وَيُنَاسِبُ النُّسْخَةَ الْأُولَى الِاسْتِدْلَال بِمَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ الْخُدْرِيِّ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْأَضْحَى وَصِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ».

وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ «لَا يَصِحُّ الصِّيَامُ فِي يَوْمَيْنِ يَوْمُ الْأَضْحَى وَيَوْمُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ» وَيُنَاسِبُ النُّسْخَةَ الْأُخْرَى الِاسْتِدْلَال بِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>