للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي الدَّفْنِ

(وَيُحْفَرُ الْقَبْرُ وَيُلْحَدُ) لِقَوْلِهِ «وَاللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» (وَيُدْخَلُ الْمَيِّتُ) مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، فَإِنَّ عِنْدَهُ يُسَلُّ سَلًّا لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ سُلَّ سَلًّا». وَلَنَا أَنَّ جَانِبَ الْقِبْلَةِ مُعَظَّمٌ

(فَصْلٌ فِي الدَّفْنِ)

(قَوْلُهُ وَيُلْحَدُ) السُّنَّةُ عِنْدَنَا اللَّحْدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَرُورَةً مِنْ رَخْوِ الْأَرْضِ فَيُخَافُ أَنْ يَنْهَارَ اللَّحْدُ فَيُصَارُ إلَى الشَّقِّ، بَلْ ذُكِرَ لِي أَنَّ بَعْضَ الْأَرْضِينَ مِنْ الرِّمَالِ يَسْكُنُهَا بَعْضُ الْأَعْرَابِ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا الشَّقُّ أَيْضًا، بَلْ يُوضَعُ الْمَيِّتُ وَيُهَالُ عَلَيْهِ نَفْسُهُ.

وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَامِرٍ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: فِيهِ مَقَالٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ «لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَلْحَدُ وَالْآخَرُ يَضْرَحُ، فَقَالُوا: نَسْتَخِيرُ رَبَّنَا وَنَبْعَثُ إلَيْهِمَا فَأَيُّهُمَا سَبَقَ تَرَكْنَاهُ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِمَا فَسَبَقَ صَاحِبُ اللَّحْدِ، فَلَحَّدُوا لِلنَّبِيِّ » وَحَدِيثُ مُسْلِمٍ ظَاهِرٌ فِيهِ، وَهُوَ مَا أُخْرِجَ " عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ الْحَدُوا لِي لَحْدًا وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ " وَهُوَ رِوَايَةٌ مِنْ سَعْدٍ أَنَّهُ أَلْحَدَ.

وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرِ «أَنَّهُ أُلْحِدَ وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنَ نَصْبًا وَرُفِعَ قَبْرُهُ مِنْ الْأَرْضِ نَحْوَ شِبْرٍ» وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ الصَّحَابَةِ أَنْ يُرْمَسَ فِي التُّرَابِ رَمْسًا، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَقَالَ: لَيْسَ أَحَدُ جَنْبَيَّ أَوْلَى بِالتُّرَابِ مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَيُدْخَلُ الْمَيِّتُ مِمَّا يَلِي) وَذَلِكَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ فِي جَانِبِ الْقِبْلَةِ مِنْ الْقَبْرِ وَيُحْمَلُ الْمَيِّتُ مِنْهُ فَيُوضَعُ فِي اللَّحْدِ فَيَكُونُ الْآخِذُ لَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَالَ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ عِنْده يُسَلُّ سَلًّا) هُوَ بِأَنْ يُوضَعَ السَّرِيرُ فِي مُؤَخَّرِ الْقَبْرِ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الْمَيِّتِ بِإِزَاءِ مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ مِنْ الْقَبْرِ، ثُمَّ يُدْخَلُ رَأْسُ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ وَيُسَلُّ كَذَلِكَ فَتَكُونُ رِجْلَاهُ مَوْضِعَ رَأْسِهِ، ثُمَّ تُدْخَلُ رِجْلَاهُ وَيُسَلُّ كَذَلِكَ، قَدْ قِيلَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْمَرْوِيُّ لِلشَّافِعِيِّ الْأَوَّلُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «سُلَّ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ».

وَقَالَ: أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَرَبِيعَةَ وَأَبِي النَّضْرِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ «أَنَّ النَّبِيَّ سُلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ»، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَإِسْنَادُ أَبِي دَاوُد صَحِيحٌ، وَهُوَ مَا أُخْرِجَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَالسَّبِيعِيِّ قَالَ: أَوْصَانِي الْحَارِثُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخِطْمِيُّ، فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْرِ وَقَالَ: هَذَا مِنْ السُّنَّةِ.

وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>