للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ فِي الِاسْتِنْجَاءِ)

(الِاسْتِنْجَاءُ سُنَّةٌ) لِأَنَّ النَّبِيَّ وَاظَبَ عَلَيْهِ

تَنَجَّسَ وَمَا يُصِيبُ الثَّوْبَ مِنْ بُخَارَاتِ النَّجَاسَةِ قِيلَ يُنَجِّسُهُ، وَقِيلَ لَا وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَكَذَا مَا سَالَ مِنْ الْكَنِيفِ الْأَوْلَى غَسْلُهُ، وَلَا يَجِبُ مَا لَمْ يَكُنْ أَكْبَرُ رَأْيِهِ نَجَاسَةً، وَفِي الْخُلَاصَةِ مَرَّتْ الرِّيحُ عَلَى النَّجَاسَاتِ وَثَمَّةَ ثَوْبٌ تُصِيبُهُ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: تَنَجَّسَ.

وَلَوْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ وَلَمْ يَمْسَحْهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَعَامَّتُهُمْ أَنَّهُ لَا يُنَجِّسُ مَا حَوْلَهُ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَسْتَنْجِ وَلَكِنْ ابْتَلَّ سَرَاوِيلُهُ بِالْمَاءِ وَبِالْعَرَقِ ثُمَّ فَسَا غَيْرَ أَنَّ جَوَابَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ. وَلَوْ صُبَّ مَاءٌ فِي خَمْرٍ أَوْ بِالْقَلْبِ ثُمَّ صَارَ خَلًّا كَانَ طَاهِرًا فِي الصَّحِيحِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَتْ فِيهَا فَأْرَةٌ ثُمَّ أُخْرِجَتْ بَعْدَ مَا تَخَلَّلَتْ فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّهَا تَنَجَّسَتْ بَعْدَ التَّخَلُّلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أُخْرِجَتْ قَبْلَ التَّخَلُّلِ. وَلَوْ عَصَرَ عِنَبًا فَأَدْمَى رِجْلَهُ فَسَالَ مَعَ الْعَصِيرِ لَا يُنَجِّسُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ كَالْمَاءِ الْجَارِي.

حَبٌّ فِيهِ مَاءٌ أَوْرَبَ؛ اُسْتُخْرِجَ وَجُعِلَ فِي إنَاءٍ ثُمَّ أُخِذَ مِنْ آخَرَ وَجُعِلَ فِي هَذَا الْإِنَاءِ أَيْضًا ثُمَّ وَجَدَ فِيهِ فَأْرَةً إنْ غَابَ هُوَ سَاعَةً فَالنَّجَاسَةُ لِلْإِنَاءِ خَاصَّةً، وَإِنْ لَمْ يَغِبْ وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيِّ الْحُبَّيْنِ هِيَ صُرِفَتْ النَّجَاسَةُ إلَى الْحَبِّ الْأَخِيرِ، هَذَا إذَا تَحَرَّى فَلَمْ يَقَعْ عَلَى شَيْءٍ، فَإِنْ وَقَعَ عُمِلَ بِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَا لِوَاحِدٍ فَإِنْ كَانَا لِاثْنَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا يَقُولُ مَا كَانَتْ فِي حَبِّي فَكِلَاهُمَا طَاهِرٌ.

وَإِذَا تَلَطَّخَ ضَرْعُ شَاةٍ بِسِرْقِينِهَا فَحَلَبَهَا رَاعٍ بِيَدٍ رَطْبَةٍ فَفِي نَجَاسَتِهِ رِوَايَتَانِ.

(فَصْلٌ فِي الِاسْتِنْجَاءِ) هُوَ إزَالَةُ مَا عَلَى السَّبِيلِ مِنْ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُزَالِ بِهِ حُرْمَةٌ أَوْ قِيمَةٌ كُرِهَ كَقِرْطَاسٍ وَخِرْقَةٍ وَقُطْنَةٍ وَخَلٍّ قِيلَ يُورِثُ ذَلِكَ الْفَقْرَ (قَوْلُهُ وَاظَبَ عَلَيْهِ) وَلِذَا كَانَ كَمَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً وَلَوْ تَرَكَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ.

قَالَ.

فِي الْخُلَاصَةِ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ الْقَلِيلَةَ عَفْوٌ عِنْدَنَا. وَعُلَمَاؤُنَا فَصَلُوا بَيْنَ النَّجَاسَةِ الَّتِي عَلَى مَوْضِعِ الْحَدَثِ وَاَلَّتِي عَلَى غَيْرِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَدَثِ، إذَا تَرَكَهَا يُكْرَهُ، وَفِي مَوْضِعِهِ إذَا تَرَكَهَا لَا يُكْرَهُ.

وَمَا عَنْ أَنَسٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَدْخُلُ الْخَلَاءَ فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ نَحْوِي إدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ فِي الْمُوَاظَبَةِ بِالْمَاءِ، وَمُقْتَضَاهُ كَرَاهَةُ تَرْكِهِ، وَكَذَا مَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ مِنْ غَائِطٍ قَطُّ إلَّا مَسَّ مَاءً» وَلَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُشْتَرَكُ الدَّلَالَةِ بَيْنَ كَوْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>