(بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ)
قَالَ: (أَرْضُ الْعَرَبِ كُلُّهَا أَرْضُ عُشْرٍ، وَهِيَ مَا بَيْنَ الْعُذَيْبِ إلَى أَقْصَى حَجَرٍ بِالْيُمْنِ بِمَهْرَةَ إلَى حَدِّ الشَّامِّ
بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ)
لَمَّا ذَكَرَ مَا يَصِيرُ بِهِ الْمُسْتَأْمَنُ ذِمِّيًّا ذَكَرَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْوَظَائِفِ الْمَالِيَّةِ إذَا صَارَ ذِمِّيًّا وَذَلِكَ هُوَ الْخَرَاجُ فِي أَرْضِهِ وَرَأْسِهِ، وَفِي تَفَارِيعِهِمَا كَثْرَةٌ فَأَوْرَدَهُمَا فِي بَابَيْنِ، وَقَدَّمَ خَرَاجَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ كَانَ بِعَرْضٍ قَرِيبٍ، ثُمَّ ذَكَرَ الْعُشْرَ فِيهِ أَيْضًا تَتْمِيمًا لِوَظِيفَةِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهَا السَّبَبُ فِي الْخَرَاجِ وَالْعُشْرِ جَمِيعًا، وَقَدَّمَ ذِكْرَ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ.
وَالْعُشْرُ لُغَةً وَاحِدٌ مِنْ الْعَشَرَةِ، وَالْخَرَاجُ مَا يَخْرُجُ مِنْ نَمَاءِ الْأَرْضِ أَوْ نَمَاءِ الْغُلَامِ، وَسُمِّيَ بِهِ مَا يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ مِنْ وَظِيفَةِ الْأَرْضِ وَالرَّأْسِ، وَحَدَّدَ الْأَرَاضِيَ الْعُشْرِيَّةَ وَالْخَرَاجِيَّةَ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَضْبَطُ فَقَالَ (أَرْضُ الْعَرَبِ كُلُّهَا عُشْرِيَّةٌ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْعُذَيْبِ) وَهُوَ مَاءٌ لِتَمِيمٍ وَذَكَرَ ضَمِيرَ الْأَرْضِ بِاعْتِبَارِ خَبَرِهِ وَهُوَ لَفْظُ " مَا " فِي قَوْلِهِ مَا بَيْنَ الْعُذَيْبِ (إلَى أَقْصَى حَجَرٍ بِالْيَمَنِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهِيَ عَلَى الظَّاهِرِ، وَحَجَرٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَإِسْكَانِهَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَالَ: حُدُودُ أَرْضِ الْعَرَبِ مَا وَرَاء حُدُودِ الْكُوفَةِ إلَى أَقْصَى صَخْرٍ بِالْيَمَنِ، فَعُرِفَ أَنَّهُ حَجَرٌ بِالْفَتْحِ، وَالْمُرَادُ إلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْيَمَنِ وَهُوَ آخِرُ حَجَرٍ مِنْهَا، وَمَهَرَةُ حِينَئِذٍ فِي آخِرِ مَوْضِعٍ مِنْ الْيَمَنِ، وَقَوْلُهُمْ مِنْ أَوَّلِ عَذِيبِ الْقَادِسِيَّةِ إلَى آخِرِ حَجَرٍ يُوجِبُ أَنَّ ذَلِكَ أَوَّلُ مَا وَرَاءَ أَرْضِ الْكُوفَةِ، هَذَا طُولُهَا، وَعَرْضُهَا مِنْ رَمْلِ يَبْرِينَ وَالدَّهْنَاءِ وَيُعْرَفُ بِرَمْلِ عَالِجٍ إلَى مَشَارِفِ الشَّامِ: أَيْ قُرَاهَا، وَقَدْ يُعَبَّرُ بِمُنْقَطِعِ السَّمَاوَةِ. قَالَ الْكَرْخِيُّ: وَهِيَ أَرْضُ الْحِجَازِ وَتِهَامَةُ وَمَكَّةُ وَالْيَمَنُ وَالطَّائِفُ وَالْبَرِيَّةُ. وَالْحِجَازُ هُوَ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ سُمِّيَ جَزِيرَةً؛ لِأَنَّ بَحْرَ الْحَبَشِ وَبَحْرَ فَارِسٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute