للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ. وَلَوْ أَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ وِلَايَتَهُ لِنَفْسِهِ وَكَانَ الْوَاقِفُ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى الْوَقْفِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْ يَدِهِ نَظَرًا لِلْفُقَرَاءِ، كَمَا لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْوَصِيَّ نَظَرًا لِلصِّغَارِ، وَكَذَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ وَلَا لِقَاضٍ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ وَيُوَلِّيَهَا غَيْرَهُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ فَبَطَلَ

(فَصْلٌ)

أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ) أَمَّا عِمَارَتُهُ فَلَا خِلَافَ يُعْلَمُ فِيهِ، وَأَمَّا نَصْبُ الْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ فَقَالَ أَبُو نَصْرٍ فَلِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَلَيْسَ الْبَانِي أَحَقَّ مِنْهُمْ بِذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافِ: الْبَانِي أَحَقُّ بِنَصْبِهِمَا مِنْ غَيْرِهِ كَالْعِمَارَةِ. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ نَأْخُذُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إمَامًا وَمُؤَذِّنًا وَالْقَوْمُ يُرِيدُونَ الْأَصْلَحَ فَلَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، كَذَا فِي النَّوَازِلِ (ثُمَّ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ، وَكَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى الْوَقْفِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهُ نَظَرًا لِلْفُقَرَاءِ، كَمَا لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْوَصِيَّ نَظَرًا لِلصِّغَارِ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَيْسَ لِسُلْطَانٍ وَلَا لِقَاضٍ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْهُ وَيُوَلِّيَهَا غَيْرَهُ) لَا يُلْتَفَتُ إلَى شَرْطِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ فَيَبْطُلُ، وَصَرَّحَ بِأَنَّ مِمَّا يَخْرُجُ بِهِ النَّاظِرُ مَا إذَا ظَهَرَ بِهِ فِسْقٌ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: لَوْ جَعَلَ الْوَاقِفُ وِلَايَةَ الْوَقْفِ إلَى رَجُلَيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَأَوْصَى أَحَدُهُمَا إلَى صَاحِبِهِ فِي أَمْرِ الْوَقْفِ وَمَاتَ جَازَ تَصَرُّفُ الْحَيِّ فِي جَمِيعِ الْوَقْفِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا. وَفِيهَا لَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ وَقْفًا فَمَرَضَ مَرَضَ الْمَوْتِ فَجَعَلَ رَجُلًا وَصِيَّ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ شَيْئًا فَإِنَّ وِلَايَةَ الْوَقْفِ لَا تَكُونُ إلَى الْوَصِيِّ، وَلَوْ قَالَ أَنْتَ وَصِيِّ فِي أَمْرِ الْوَقْفِ خَاصَّةً قَالَ أَبُو يُوسُفَ: هُوَ كَمَا قَالَ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ وَصِيٌّ فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا.

(فَصْلٌ)

لَمَّا اخْتَصَّ الْمَسْجِدُ بِأَحْكَامٍ تُخَالِفُ أَحْكَامَ مُطْلَقِ الْوَقْفِ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِي زَوَالِ الْمِلْكِ عَنْ الْمَسْجِدِ حُكْمُ الْحَاكِمِ وَلَا الْإِيصَاءُ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ مَشَاعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ إلَى الْمُتَوَلِّي عِنْدَ مُحَمَّدٍ أَفْرَدَهُ بِفَصْلٍ عَلَى حِدَتِهِ وَأَخَّرَهُ. هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهَا، ثُمَّ وَقَفَهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ جَازَ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْفُقَرَاءِ، وَلَوْ اتَّخَذَهَا مَسْجِدًا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا شِرَاءً فَاسِدًا وَبَنَاهَا بِنَاءَ الْمَسْجِدِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْبَائِعِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>