للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ

(أَهْلُ عَرَفَةَ إذَا وَقَفُوا فِي يَوْمٍ وَشَهِدَ قَوْمٌ أَنَّهُمْ وَقَفُوا يَوْمَ النَّحْرِ أَجْزَأَهُمْ) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجْزِيَهُمْ اعْتِبَارًا بِمَا إذَا وَقَفُوا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَخْتَصُّ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ فَلَا يَقَعُ عِبَادَةٌ دُونَهُمَا.

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذِهِ

وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجْزِيهِمْ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُوصِ بِهِ فَقَدْ انْقَطَعَ حَقُّ الْقُرْبَةِ عَنْ نَصِيبِهِ فَصَارَ مِيرَاثًا، وَهَذَا التَّقَرُّبُ تَقَرُّبٌ بِطَرِيقِ الْإِتْلَافِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَنْ الْمَيِّتِ إلَّا بِأَمْرِهِ كَالْعِتْقِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ التَّصَدُّقُ وَتَقَرُّبُ الْوَارِثِ بِالتَّصَدُّقِ عَنْ الْمَيِّتِ صَحِيحٌ بِلَا إيصَاءٍ، فَكَذَا تَقَرُّبُهُ بِإِبْقَاءِ مَا قَصَدَ الْمُوَرِّثُ بِنَصِيبِهِ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ يَكُونُ صَحِيحًا، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا يُرِيدُ بِهِ اللَّحْمَ دُونَ الْهَدْيِ لَمْ يُجْزِهِمْ لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ وَاحِدَةٌ، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهَا الْقُرْبَةُ وَعَدَمُهَا، وَأَيُّ الشُّرَكَاءِ نَحَرَهَا يَوْمَ النَّحْرِ أَجْزَأَ عَنْ الْكُلِّ.

وَإِذَا غَلِطَ رَجُلَانِ فَذَبَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا هَدْيَ صَاحِبِهِ أَجْزَأَهُمَا اسْتِحْسَانًا لَا فِي الْقِيَاسِ لِأَنَّ كُلًّا غَيْرُ مَأْمُورٍ مِنْ جِهَةِ الْآخَرِ فَصَارَ ضَامِنًا، لَكِنَّهُ اُسْتُحْسِنَ فَقَالَ: كُلٌّ مَأْذُونٌ فِيمَا صَنَعَ دَلَالَةً لِأَنَّ صَاحِبَ الْهَدْيِ يَسْتَعِينُ بِكُلِّ أَحَدٍ عَادَةً فَكَانَ كَالْإِفْصَاحِ بِالْإِذْنِ وَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا هَدْيَهُ مِنْ صَاحِبِهِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ صَاحِبِهِ هَدْيَهُ، وَبَيْنَ أَنْ يَضْمَنَهُ فَيَشْتَرِيَ بِالْقِيمَةِ هَدْيًا آخَرَ يَذْبَحَهُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا تَصَدَّقَ بِالْقِيمَةِ، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْهَدْيِ مِثْلُهُ فِي الْأُضْحِيَّةَ.

وَمَنْ اشْتَرَى هَدْيًا فَضَلَّ فَاشْتَرَى مَكَانَهُ آخَرَ وَأَوْجَبَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْأَوَّلَ، فَإِنْ نَحَرَهُمَا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ نَحَرَ الْأَوَّلَ وَبَاعَ الثَّانِيَ جَازَ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَإِنْ بَاعَ الْأَوَّلَ وَذَبَحَ الثَّانِيَ أَجْزَأَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْأَوَّلِ أَكْثَرَ فَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ. وَهَدْيُ الْمُتْعَةِ وَالتَّطَوُّعِ فِي هَذَا سَوَاءٌ لِأَنَّهُمَا صَارَا لِلَّهِ تَعَالَى إذْ جَعَلَهُمَا هَدْيًا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا

وَإِنْ سَاقَ بَدَنَةً لَا يَنْوِي بِهَا الْهَدْيَ قَالَ: إنْ كَانَ سَاقَهَا إلَى مَكَّةَ فَهِيَ هَدْيٌ، وَأَرَادَ بِهَذَا إذَا قَلَّدَهَا وَسَاقَهَا لِأَنَّ هَذَا لَا يُفْعَلُ عَادَةً إلَّا بِالْهَدْيِ فَكَانَ سَوْقُهَا بَعْدَ إظْهَارِ عَلَامَةِ الْهَدْيِ عَلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ جَعْلِهِ إيَّاهَا بِلِسَانِهِ هَدْيًا.

(مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ)

مِنْ عَادَةِ الْمُصَنِّفِينَ أَنْ يَذْكُرُوا عَقِيبَ الْأَبْوَابِ مَا شَذَّ مِنْهَا مِنْ الْمَسَائِلِ فَتَصِيرُ مَسَائِلُ مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَتُتَرْجَمُ تَارَةً بِمَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ وَتَارَةً بِمَسَائِلَ شَتَّى (قَوْلُهُ وَشَهِدَ قَوْمٌ) صُورَتُهَا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا هِلَالَ ذِي الْحَجَّةِ فِي لَيْلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>