ابْنَتَهُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ» وَلِأَنَّهَا تَخْرُجُ فِيهَا حَالَةَ الْحَيَاةِ فَكَذَا بَعْدَ الْمَمَاتِ.
(ثُمَّ هَذَا بَيَانُ كَفَنِ السُّنَّةِ، وَإِنْ اقْتَصَرُوا عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جَازَ) وَهِيَ ثَوْبَانِ وَخِمَارٌ (وَهُوَ كَفَنُ الْكِفَايَةِ، وَيُكْرَهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي الرَّجُلِ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ إلَّا فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ) لِأَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ ﵁ حِينَ اُسْتُشْهِدَ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَهَذَا كَفَنُ الضَّرُورَةِ (وَتَلْبَسُ الْمَرْأَةُ الدِّرْعَ أَوَّلًا ثُمَّ يُجْعَلُ شَعْرُهَا ضَفِيرَتَيْنِ عَلَى صَدْرِهَا فَوْقَ الدِّرْعِ، ثُمَّ الْخِمَارُ فَوْقَ ذَلِكَ تَحْتَ الْإِزَارِ، ثُمَّ الْإِزَارُ ثُمَّ اللِّفَافَةُ. قَالَ: وَتُجْمَرُ الْأَكْفَانُ قَبْلَ أَنْ يُدْرَجَ فِيهَا وِتْرًا) «لِأَنَّهُ ﵊ أَمَرَ بِإِجْمَارِ أَكْفَانِ ابْنَتِهِ وِتْرًا»، وَالْإِجْمَارُ هُوَ التَّطْيِيبُ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنْهُ صَلَّوْا عَلَيْهِ لِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ.
لِعَدَمِ الْفَرْقِ فِي هَذَا، وَقَدْ حَسَّنَهُ النَّوَوِيُّ وَإِنْ أَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِجَهَالَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ حُضُورِ أُمِّ عَطِيَّةَ غُسْلَ أُمِّ كُلْثُومٍ بَعْدَ زَيْنَبَ، وَقَوْلُ الْمُنْذِرِيِّ: أُمُّ كُلْثُومٍ تُوُفِّيَتْ وَهُوَ ﵊ غَائِبٌ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ ابْنِ الْأَثِيرِ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ: إنَّهَا مَاتَتْ سَنَةَ تِسْعٍ بَعْدَ زَيْنَبَ بِسَنَةٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا ﵊، قَالَ: وَهِيَ الَّتِي غَسَّلَتْهَا أُمُّ عَطِيَّةَ، وَيَشُدُّهُ مَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ نُغَسِّلُ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ فَقَالَ: اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إلَيْنَا حَقْوَهُ وَقَالَ: أَشْعِرْنَهَا إيَّاهُ» وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ، وَمَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِهِ مِثْلُ ذَلِكَ فِي زَيْنَبَ لَا يُنَافِيهِ لِمَا قُلْنَاهُ آنِفًا
(قَوْلُهُ وَهِيَ ثَوْبَانِ وَخِمَارٌ) لَمْ يُعَيِّنْ الثَّوْبَيْنِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: كَفَنُ الْكِفَايَةِ لَهَا ثَلَاثَةٌ: قَمِيصٌ، وَإِزَارٌ، وَلِفَافَةٌ. فَلَمْ يَذْكُرْ الْخِمَارَ، وَمَا فِي الْكِتَابِ مِنْ عَدِّ الْخِمَارِ أَوْلَى، وَيُجْعَلُ الثَّوْبَانِ قَمِيصًا وَلِفَافَةً، فَإِنَّ بِهَذَا يَكُونُ جَمِيعُ عَوْرَتِهَا مَسْتُورَةً بِخِلَافِ تَرْكِ الْخِمَارِ
(قَوْلُهُ وَتَلْبَسُ الْمَرْأَةُ الدِّرْعَ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ مَوْضِعَ الْخِرْقَةِ. وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ: فَوْقَ الْأَكْفَانِ كَيْ لَا يَنْتَشِرَ، وَعَرْضُهَا مَا بَيْنَ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ إلَى السُّرَّةِ، وَقِيلَ مَا بَيْنَ الثَّدْيِ إلَى الرُّكْبَةِ كَيْ لَا يَنْتَشِرَ الْكَفَنُ عَنْ الْفَخِذَيْنِ وَقْتَ الْمَشْيِ. وَفِي التُّحْفَةِ: تُرْبَطُ الْخِرْقَةُ فَوْقَ الْأَكْفَانِ عِنْدَ الصَّدْرِ فَوْقَ الْيَدَيْنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ) أَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ: «هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ نَمِرَةً، فَكُنَّا إذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ الْإِذْخِرَ»
(قَوْلُهُ «لِأَنَّهُ ﵊ أَمَرَ بِإِجْمَارِ أَكْفَانِ ابْنَتِهِ») غَرِيبٌ، وَقَدَّمْنَا مِنْ الْمُسْتَدْرَكِ عَنْهُ ﵊ «إذَا أَجْمَرْتُمْ الْمَيِّتَ فَأَجْمِرُوهُ ثَلَاثًا» وَفِي لَفْظٍ لِابْنِ حِبَّانَ " فَأَوْتِرُوا " وَفِي لَفْظِ الْبَيْهَقِيّ «جَمِّرُوا كَفَنَ الْمَيِّتِ ثَلَاثًا» قِيلَ سَنَدُهُ صَحِيحٌ.
(فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ)
هِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ): وَقَوْلُهُ فِي التُّحْفَةِ إنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وَلِذَا قَالَ فِي وَجْهِ كَوْنِهِ عَلَى الْكِفَايَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute