الْأَحْيَاءِ، وَالْإِزَارُ مِنْ الْقَرْنِ إلَى الْقَدَمِ، وَاللِّفَافَةُ كَذَلِكَ، وَالْقَمِيصُ مِنْ أَصْلِ الْعُنُقِ إلَى الْقَدَمِ
(فَإِذَا أَرَادُوا لَفَّ الْكَفَنِ ابْتَدَءُوا بِجَانِبِهِ الْأَيْسَرِ فَلَفُّوهُ عَلَيْهِ ثُمَّ بِالْأَيْمَنِ) كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَبَسْطُهُ أَنْ تُبْسَطَ اللِّفَافَةُ أَوَّلًا ثُمَّ يُبْسَطَ عَلَيْهَا الْإِزَارُ ثُمَّ يُقَمَّصَ الْمَيِّتُ وَيُوضَعَ عَلَى الْإِزَارِ ثُمَّ يُعْطَفَ الْإِزَارُ مِنْ قِبَلِ الْيَسَارِ ثُمَّ مِنْ قِبَلِ الْيَمِينِ، ثُمَّ اللِّفَافَةُ كَذَلِكَ (وَإِنْ خَافُوا أَنْ يَنْتَشِرَ الْكَفَنُ عَنْهُ عَقَدُوهُ بِخِرْقَةٍ) صِيَانَةً عَنْ الْكَشْفِ.
(وَتُكَفَّنُ الْمَرْأَةُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ دِرْعٍ وَإِزَارٍ وَخِمَارٍ وَلِفَافَةٍ وَخِرْقَةٍ تُرْبَطُ فَوْقَ ثَدْيَيْهَا) لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَعْطَى اللَّوَاتِي غَسَّلْنَ
ذَكَرَهُ فِي التُّحْفَةِ. هَذَا وَفِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهَا «فِي كَمْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَتْ: فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ، قَالَ فِي أَيِّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قُلْتُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، قَالَ فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْتُ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ، قَالَ أَرْجُو فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ فَنَظَرَ إلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كَانَ يَمْرَضُ فِيهِ بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ فَقَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ وَكَفِّنُونِي فِيهَا. قُلْتُ: إنَّ هَذَا خَلَقٌ، قَالَ الْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنْ الْمَيِّتِ إنَّمَا هُوَ الْمُهْلَةُ، فَلَمْ يُتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ وَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ تُصْبِحَ». وَالرَّدْعُ بِالْمُهْمَلَاتِ الْأَثَرُ، وَالْمُهْلَةُ مُثَلَّثُ الْمِيمِ: صَدِيدُ الْمَيِّتِ، فَإِنْ وَقَعَ التَّعَارُضُ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ هَذَا حَتَّى وَجَبَ تَرْكُهُ لِأَنَّ سَنَدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ لَا يَنْقُصُ عَنْ سَنَدِ الْبُخَارِيِّ، فَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ قَالَ فِيهِ ﵊ " وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ " وَفِي لَفْظٍ " وَفِي ثَوْبَيْهِ " وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَمْعَ مُمْكِنٌ، فَلَا يُتْرَكُ بِأَنْ يُحْمَلُ مَا فِي عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ. عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ بَعْضَ الْمَتْنِ دُونَ كُلِّهِ بِخِلَافِ مَا فِي الْبُخَارِيِّ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ الشَّاهِدَ، لَكِنَّ رِوَايَةَ ثَوْبَيْهِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعَهُ غَيْرُهُمَا فَلَا يُفِيدُ كَوْنُهُ كَفَنَ الْكِفَايَةِ، بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ فَلَا يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ الِاقْتِصَارِ عَلَى ثَوْبَيْنِ حَالَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَكْثَرِ، إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الْأُولَى كَمَا هُوَ كَفَنُ الْكِفَايَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ وَالْإِزَارُ مِنْ الْقَرْنِ إلَى الْقَدَمِ، وَاللِّفَافَةُ كَذَلِكَ) لَا إشْكَالَ فِي أَنَّ اللِّفَافَةَ مِنْ الْقَرْنِ إلَى الْقَدَمِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْإِزَارِ كَذَلِكَ فَفِي نُسَخٍ مِنْ الْمُخْتَارِ وَشَرْحِهِ اخْتِلَافٌ فِي بَعْضِهَا: يُقَمَّصُ أَوَّلًا وَهُوَ مِنْ الْمَنْكِبِ إلَى الْقَدَمِ، وَيُوضَعُ عَلَى الْإِزَارِ وَهُوَ مِنْ الْقَرْنِ إلَى الْقَدَمِ، وَيُعْطَفُ عَلَيْهِ إلَى آخِرِهِ. وَفِي بَعْضِهَا: يُقَمَّصُ وَيُوضَعُ عَلَى الْإِزَارِ وَهُوَ مِنْ الْمَنْكِبِ إلَى الْقَدَمِ، ثُمَّ يُعْطَفُ، وَأَنَا لَا أَعْلَمُ وَجْهَ مُخَالَفَةِ إزَارِ الْمَيِّتِ إزَارَ الْحَيِّ مِنْ السُّنَّةِ، وَقَدْ قَالَ ﵊ فِي ذَلِكَ الْمُحْرِمِ " كَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ " وَهُمَا ثَوْبَا إحْرَامِهِ إزَارُهُ وَرِدَاؤُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ إزَارَهُ مِنْ الْحَقْوِ، وَكَذَا أَعْطَى اللَّاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ حَقْوَهُ عَلَى مَا سَنَذْكُرُ (قَوْلُهُ وَالْقَمِيصُ مِنْ أَصْلِ الْعُنُقِ) بِلَا جَيْبٍ وَدِخْرِيصٍ وَكُمَّيْنِ وَكَذَا فِي الْكَافِي، وَكَوْنُهُ بِلَا جَيْبٍ بَعِيدًا، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْجَيْبِ الشِّقُّ النَّازِلُ عَلَى الصَّدْرِ
(قَوْلُهُ ابْتَدَءُوا بِجَانِبِهِ الْأَيْسَرِ) لِيَقَعَ الْأَيْمَنُ فَوْقَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِمَامَةَ، وَكَرِهَهَا بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْكَفَنُ بِهَا شَفْعًا، وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُعَمِّمُ الْمَيِّتَ وَيَجْعَلُ ذَنَبَ الْعِمَامَةِ عَلَى وَجْهِهِ
(قَوْلُهُ لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ) قِيلَ الصَّوَابُ لَيْلَى بِنْتُ قَانِفٍ قَالَتْ: «كُنْتُ فِيمَنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَكَانَ أَوَّلُ مَا أَعْطَانَا الْحِقَاءَ ثُمَّ الدِّرْعَ ثُمَّ الْخِمَارَ ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ ثُمَّ أُدْرِجَتْ بَعْدُ فِي الثَّوْبِ الْآخِرِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَرَوَى حَقْوَهُ فِي حَدِيثِ غُسْلِ زَيْنَبَ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَقْعَدُ الْإِزَارِ وَجَمْعُهُ أَحَقٌّ وَأَحْقَاءُ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْإِزَارُ لِلْمُجَاوَرَةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ إزَارَ الْمَيِّتِ كَإِزَارِ الْحَيِّ مِنْ الْحَقْوِ فَيَجِبُ كَوْنُهُ فِي الذِّكْرِ كَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute